ولسنا نملّ الحرب حتّى تملّنا ... ولا نشتكي ما قد ينوب من النّكب
ولكنّنا أهل الحفائظ والنّهى ... إذا طار أرواح الكماة من الرّعب «٣»
[نقض الصّحيفة]
فلمّا أراد الله تعالى حلّ ما عقدوه، وإبطال ما أكّدوه، اجتمع في أواخر السّنة التّاسعة ستّة من سادات قريش ليلا بأعلى (مكّة) /، فتعاقدوا على نقض الصّحيفة، منهم: المطعم بن عديّ النّوفليّ، وزمعة بن الأسود بن أسد الأسديّ، فلمّا أصبحوا قال قائلهم:
أنأكل الطّعام، ونلبس الثّياب وبنو هاشم هلكى، والله لا أقعد حتّى تشقّ هذه الصّحيفة الظّالمة، فقال أبو جهل: كذبت والله [لا تشقّ] ، فقال [زمعة] : أنت والله الكاذب، ووثبوا، فقال أبو جهل:
هذا أمر قد برم بليل، ثمّ قاموا إلى الصّحيفة ليشقّوها، فأخبرهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّ الأرضة «٤» قد أكلت جميعها، إلّا ما فيه اسم الله،
(١) عضّ الزّمان: شدّته. (٢) السّوالف: ما تقدّم من عنق الفرس، أترّت: قطعت. القساسيّة: سيوف تنسب إلى قساس، وهو جبل لبني أسد يحوي على معدن الحديد. (٣) الحفائظ: مفردها الحفيظة؛ وهي الأنفة. النّهى- جمع نهية-: العقل. الرّعب: الوعيد. (٤) الأرضة: دويبة تأكل الخشب ونحوه.