قال أهل السّير: وكانت (المدينة) كثيرة الوباء، فتضرّر بذلك أصحابه المهاجرون، وشقّ ذلك عليه صلى الله عليه وسلّم، وخاف أن يكرهوها، فدعا الله أن يرفع الوباء عنها، فرفعه.
وفي «الصّحيحين» ، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قدمنا (المدينة) وهي أوبأ أرض الله، فوعك أبو بكر، ووعك بلال، فكان أبو بكر إذا أخذته الحمّى يقول، [من الرّجز] :
كلّ امرىء مصبح في أهله ... والموت أدنى من شراك نعله
وكان بلال إذا أقلع عنه الحمّى يرفع عقيرته- أي: صوته- يقول/، [من الطّويل]«١» :
ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة ... بواد وحولي إذخر وجليل «٢»
وهل أردن يوما مياه مجنّة ... وهل يبدون لي شامة وطفيل «٣»
وهما جبلان ب (مكّة) -[أي: شامة وطفيل] .
قالت: فأخبرت النّبيّ صلى الله عليه وسلّم فقال: «اللهمّ حبّب إلينا (المدينة) ، كحبّنا (مكّة) ، أو أشدّ، وصحّحها لنا، وانقل حمّاها فاجعلها ب (الجحفة) ، وبارك لنا في صاعنا ومدّنا» «٤» .
(١) ابن هشام، ج ٢/ ٥٨٩. (٢) الإذخر والجليل: تسقّف بهما البيوت فوق الخشب. (٣) مجنّة: اسم سوق للعرب كان في الجاهليّة. (٤) أخرجه البخاريّ، برقم (١٧٩٠) . ومسلم برقم (١٣٧٦/ ٤٨٠) .