أولاً: لا خلاف بين العلماء في أنه يُباح للمرأة لبس المُعَصْفَر (١).
ثانياً: اختلف الفقهاء في حكم لبس المُعَصْفَر للرجال في الصلاة وغيرها، على قولين:
القول الأول: كراهة لبس المُعَصْفَر.
وهو مذهب الجمهور: الحنفية (٢)، والمالكية (٣)، والحنابلة (٤).
القول الثاني: جواز لبس المُعَصْفَر.
وهو قول عند المالكية (٥)، ومذهب الشافعية (٦).
أدلة الأقوال:
أدلة القول الأول:
الدليل الأول: عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال:((رَأَى رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَيَّ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ، فَلَا تَلْبَسْهَا)).
الدليل الثاني: عن علي -رضي الله عنه-: ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- نَهَى عَنْ لُبْسِ الْقَسِّيِّ (٧) وَالمُعَصْفَر، وَعَنْ تَخَتُّمِ الذَّهَبِ)) (٨)، وفي رواية قال: ((نَهانِي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا أقول:
(١) حكاه ابن عبد البر -رحمه الله- في (التمهيد) (١٦/ ١٢٣). (٢) يُنظر: البناية (١٢/ ١٠٨)، حاشية ابن عابدين (٦/ ٣٥٨). (٣) يُنظر: الجامع لمسائل المدونة (٤/ ٤١٣)، مواهب الجليل (٣/ ١٥٤). وخصه بعض المالكية بالْمُفْدَم. والْمُفْدَمُ: هو الثوب المشبع حمرة: كأنه الذي لا يقدر على الزيادة عليه؛ لتناهي حمرته. يُنظر: الصحاح (٥/ ٢٠٠١)، النهاية في غريب الحديث والأثر (٣/ ٤٢١). وردّ ابن عبد البر تخصيصه بالمفدم، فقال: «لم يذكر المفدم غير الضحاك بن عثمان، وليس بحجة، والذي يقتضيه حديث علي وعبد الله بن عمرو: النهي عن لباس كل ثوب معصفر للرجال؛ لأنه لم يخص فيه نوع من صباغ المعصفر من نوع والنبي -عليه السلام- إنما بعث مبينا معلما، فلو كان منه نوع تقتضيه الإباحة لبينه ولم يشمله ويُشكل به؛ لأنه كان قد أوتي جوامع الكلام». التمهيد (١٦/ ١٢٤). (٤) يُنظر: المغني (١/ ٤١٩)، الإنصاف (٣/ ٢٧١)، شرح منتهى الإرادات (١/ ١٥٧). (٥) يُنظر: مواهب الجليل (١/ ٥٠٦)، شرح مختصر خليل (١/ ٢٥٣). (٦) يُنظر: المجموع (٤/ ٤٤٩)، مغني المحتاج (١/ ٥٨٥). (٧) القَسِّي: هي ثياب من كتان مخلوط بحرير يُؤتى بها من مصر، نُسبت إلى قرية على شاطئ البحر قريباً من تنيس، يُقال لها: القس -بفتح القاف- وبعض أهل الحديث يكسرها. يُنظر: معالم السنن (٤/ ١٩٠)، الصحاح (٣/ ٩٦٣)، النهاية في غريب الحديث والأثر (٤/ ٥٩). (٨) أخرجه مسلم، كتاب اللباس والزينة، باب النهي عَنْ لبس الرجل الثوب المعصفر (٣/ ١٦٤٨) برقم: (٢٠٧٨).