السبب في اختلافهم: تعارض ظاهر أحاديث النهي عن التشبيك مع أحاديث تشبيكه -صلى الله عليه وسلم- بين يديه، واختلافهم في صحة حديث النهي.
الترجيح:
بعد عرض الأقوال وأدلتها يتبين أن الراجح -والله أعلم- القول الأول القائل بكراهة تشبيك الأصابع عند الذهاب إلى المسجد.
أسباب الترجيح:
١ - أن خطاب النهي عن التشبيك حال الذهاب إلى المسجد للصلاة، ورد بطلب الترك من غير جزم ولا وعيد، وذلك يفيد الكراهة (١).
٢ - أنه القول الذي به تجتمع الأدلة، وفيه إعمال للأحاديث جميعاً.
[المطلب الثاني: القرينة الصارفة عن التحريم]
تبين فيما سبق أن أصحاب القول الأول حملوا النهي على الكراهة لا التحريم، والذي يظهر من كلام أهل العلم أن الصارف للنهي القرائن التالية:
القرينة الأولى: ورود النص، وفيه فِعله -صلى الله عليه وسلم- لبيان الجواز.
أشار العلماء إلى أن ما صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أنه شبَّك بين أصابعه في المسجد، جاء لبيان الجواز، فكانت هذه الأحاديث قرينة صارفة:
الأول: حديث أبي موسى -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:((إِنَّ المُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضاً، وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ)) (٢).
الثاني: قصة ذي اليدين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: ((أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَقَامَ إِلَى خَشَبَةٍ مَعْرُوضَةٍ فِي المَسْجِدِ، فَاتَّكَأَ عَلَيْهَا كَأَنَّهُ غَضْبَانُ، وَوَضَعَ
(١) لأن الخطاب إن ورد باقتضاء الترك لا مع الجزم، فهو للكراهة. يُنظر: شرح مختصر الروضة (١/ ٢٦٢)، التحبير شرح التحرير (٢/ ٨٠٨). (٢) سبق تخريجه: ص (٣٥٧).