البول قائماً: نقلت عائشة البول قاعداً، ونقل حذيفة البول قائماً، فكلٌّ نقل ما علم، ولا تنافيَ بينهما.
٣ - أن ثبوت ترخُّص جمع من الصحابة -رضي الله عنهم- فيه، يؤيد الجواز.
٤ - ضعف ما استدل به أصحاب القول الثاني، وورود المناقشة عليه.
[المطلب الثاني: القرينة الصارفة عن التحريم]
ذهب بعض الفقهاء إلى أن النهي عن البول قائماً يُحمل على الكراهة، والذي يظهر من كلام أهل العلم أن الصارفَ له عن التحريم القرائنُ التالية:
القرينة الأولى: ورود النص، وفيها حكاية فعله -صلى الله عليه وسلم- للمنهي عنه:
وذلك ما جاء في حديث حذيفة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بال في حال القيام، فهذه قرينة نصية لبيان الجواز.
قال ابن حجر -رحمه الله-: «الأظهر أنه فعل ذلك لبيان الجواز، وكان أكثر أحواله البول عن قعود» (١).
وقال ابن قدامة -رحمه الله-: «لعل النبي -صلى الله عليه وسلم- فعل ذلك لتبيين الجواز، ولم يفعله إلا مرة واحدة» (٢).
القرينة الثانية: ورود النهي في باب الأدب والإرشاد:
قال النووي -رحمه الله-: «يُكره البول قائماً إلا لعذر، وهي كراهة تنزيه لا تحريم» (٣).
وعلة النهي: أن البول قائماً سبب في التنجس غالباً.
جاء في (مراقي الفلاح): «لتنجسه غالباً» (٤).
وقال القرافي -رحمه الله-: «لأنه أبعد عن التنجيس» (٥).
وقال ابن قدامة -رحمه الله-: «لئلا يترشش عليه» (٦).
(١) فتح الباري (١/ ٣٣٠).
(٢) المغني (١/ ١٢١).
(٣) المنهاج شرح صحيح مسلم (٣/ ١٦٥).
(٤) (ص: ٢٧).
(٥) الذخيرة (١/ ٢٠٣).
(٦) المغني (١/ ١٢١).