حديث عمرو بن حزم -رضي الله عنه-: ((أَنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ بِكِتَابٍ فِيهِ الْفَرَائِضُ وَالسُّنَنُ وَالدِّيَاتُ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: وَلَا يَمَسُّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ)) (١).
صورة المسألة: هل يجوز للمحدث حدثاً أكبر أو أصغر مسُّ المصحف بيده أو أي جزء من بدنه مباشرة من غير حائل؟ وهل يختلف الحكم إن كان بالغاً أو صغيراً؟
تحرير محل النزاع:
أولاً: محل الاتفاق:
اتفق الفقهاء (٢) على تحريم مس المصحف على البالغ المحدث حدثاً أصغر أو أكبر.
قال النووي -رحمه الله-: «مس المصحف وحمله، مذهبنا: تحريمهما وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد وجمهور العلماء»(٣).
الأدلة:
(١) أخرجه الإمام مالك (١/ ١٩٩) برقم: (١)، والدارقطني، كتاب الطهارة، باب في نهي المحدث عن مس القرآن (١/ ٢١٩) برقم: (٤٣٩)، والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب الطهارة، باب نهي المحدث عن مس المصحف (١/ ٢٦٣) برقم: (٤١١)، وأخرجه بطوله ابن حبان، (١٤/ ٥٠١) برقم: (٦٥٥٩)، قال ابن عبد البر في (التمهيد) (١٧/ ٣٩٦): «كتاب النبي -صلى الله عليه وسلم- لعمرو بن حزم إلى أهل اليمن في السنن والفرائض والديات كتاب مشهور عند أهل العلم، معروف، يُستغني بشهرته عن الإسناد»، وقال في (الاستذكار) (٢/ ٤٧١): «كتاب عمرو بن حزم هذا قد تلقاه العلماء بالقبول والعمل، وهو عندهم أشهر وأظهر من الإسناد الواحد المتصل»، ونقل ابن تيمية في (الفتاوى الكبرى) (١/ ٢٨٠) عن الإمام أحمد قوله: «لا شك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كتبه له»، وقال ابن الملقن في (البدر المنير) (٢/ ٥٠١): «أخرجه الحاكم وابن حبان في صحيحيهما، وقال يعقوب بن سفيان الحافظ: لا أعلم في جميع الكتب المنقولة أصح من كتاب عمرو بن حزم». (٢) يُنظر: بدائع الصنائع (١/ ٣٣، ٣٧)، الاختيار لتعليل المختار (١/ ١٣)، المعونة (ص: ١٦١)، مواهب الجليل (١/ ٣٠٣)، الحاوي الكبير (١/ ١٤٤)، المجموع (٢/ ٦٥، ٣٥٨)، المغني (١/ ١٠٨)، شرح منتهى الإرادات (١/ ٧٧). واستثنى المالكية مَنْ كان حدثه أصغر -معلِّماً أو متعلِّماً- والمرأة المعلِّمة حال الحيض، فأجاز لهم مس المصحف لضرورة التعلم والتعليم. يُنظر: شرح مختصر خليل (١/ ١٦١)، منح الجليل (١/ ١١٨). (٣) المجموع (٢/ ٧٢).