زاد عليها؛ لأنه ينافى معنى الصلاة والتواضع فيها، ولئلا يكثر الشغل (١)، فيكون من العبث المكروه.
وفي الإذن بالمرة الواحدة دليل وصارف للنهي عن ظاهره -وهو التحريم- إلى الكراهة، والتقييد بالحصى وبالتراب خرج للغالب؛ لأنه فرش المساجد في ذلك الوقت، فيلحق به غيره مما يُصلى عليه (٢).
الدليل الثالث: أن مسح الحصى وتقليبه وتسوية التراب فيه نوع عبث، والعبث مكروه؛ لمنافاته الخشوع (٣).
[المطلب الثاني: القرينة الصارفة عن التحريم]
الذي يظهر من كلام أهل العلم أن النهي حُمل على الكراهة للقرائن التالية:
القرينة الأولى: ورود النص، وفيه التعليل بما لا يقتضي التحريم.
ذَكر النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث علة النهي عن مسح الحصى بأن الرحمة تواجهه:(فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ)؛ فلا ينبغي للمصلي الانشغال عنها؛ فيفوته شيء منها، أو يجعل بينه وبينها حائلاً.
قال ابن حجر -رحمه الله-: «قوله: فإن الرحمة تواجهه: يدل على أن العلة فيه ألا يجعل بينه وبين الرحمة التي تواجهه حائلاً»(٤).
وقال العيني -رحمه الله-: «تعليل النهي عن مسح الحصى بكون الرحمة تواجهه، يدل على أن النهي حكمته ألا يشتغل خاطره بشيء يلهيه عن الرحمة المواجهة له، فيفوته حظه»(٥).
وقال الطيبي -رحمه الله-: «قوله: فإن الرحمة تواجهه: علة للنهي، يعني: لا يليق بالعاقل
(١) يُنظر: إكمال المعلم (٢/ ٤٨١)، المفهم (٢/ ١٥٦)، المنهاج شرح صحيح مسلم (٥/ ٣٧)، شرح أبي داود، للعيني (٤/ ٢١٤). (٢) يُنظر: فتح الباري، لابن حجر (٣/ ٧٩). (٣) يُنظر: المبسوط، للسرخسي (١/ ٢٦)، الكافي في فقه الإمام أحمد (١/ ٢٨٦)، شرح أبي داود، للعيني (٤/ ٢١٢). (٤) فتح الباري (٣/ ٧٩). (٥) عمدة القاري (٧/ ٢٨٥).