الدليل الثالث: أن قضاء الحاجة في حالة الاستدبار لا يوازي فرجه القِبلة، وإنما يوازي الأرض بخلاف حالة الاستقبال (٢).
نُوقش: بأنه يُردُّ بالأحاديث الصحيحة المصرِّحة بالنهي عن الاستقبال والاستدبار جميعاً (٣).
سبب الخلاف:
اختلافهم في الأخبار الواردة بشأنها، وبناء بعضها على بعض (٤).
الترجيح:
بعد عرض الأقوال وأدلتها يتبين أن الراجح -والله أعلم- القول الأول القائل بتحريم استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة في الفضاء دون البنيان.
سبب الترجيح:
أن هذا القول فيه الجمع بين الأحاديث المتعارضة، وإن أمكن الجمع فالمصير إليه واجب؛ وإعمال جميع الأدلة أولى من إهمال بعضها (٥).
[المطلب الثاني: القرينة الصارفة عن التحريم]
حمل أصحاب القول الثالث النهي على الكراهة في الفضاء والبنيان، والذي يظهر من كلام أهل العلم أن القرينة الصارفة له عن التحريم:
قرينة نصية، وفيها فِعل النبي -صلى الله عليه وسلم- الدالُّ على الجواز:
فقد جاء في الأحاديث أنه مرة استقبل القبلة، وفي حديث آخر أنه استدبرها، فكأنه فعله لبيان الجواز، وأن النهي ليس للتحريم، والأحاديث التي نقلت فعله -صلى الله عليه وسلم- هي:
(١) يُنظر: نيل الأوطار (١/ ١٠٧). (٢) يُنظر: بدائع الصنائع (٥/ ١٢٦). (٣) يُنظر: المنهاج شرح صحيح مسلم (٣/ ١٥٥). (٤) بداية المجتهد (١/ ٩٤)، المفهم (١/ ٥١٧). (٥) موسوعة القواعد الفقهية (١/ ١/ ٢٦٤).