وبعد، فهل قتل ذؤاب الأسدي عتبة بن الحارث بن شهاب إلا في وسط الليل الأعظم، حين تبعوهم فلحقوهم. وكانوا إذا أجمعوا للحرب دخّنوا بالنهار، وأوقدوا بالليل، وأما قولهم:«ولا يعرفون الكمين، فقد قال أبو قيس بن الأسلت:[١][الوافر]
وأحرزنا المغلنم واستبحنا ... حمى الأعداء والله المعين [٢]
بغير خلابة وبغير مكر ... مجاهرة ولن يخبأ كمين [٣]
[[ركاب الخيل]]
وأما ذكرهم الرّكب [٤] : فقد أجمعوا على أنّ الرّكب كانت قديمة، إلا أنّ ركب الحديد لم تكن في العرب إلا في أيام الأزارقة [٥] ، وكانت العرب لا تعوّد أنفسها إذا أرادت الركوب، أن تضع أرجلها في الركب، وإنما كانت تنزو نزوا.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «لا تخور قوى ما كان صاحبها ينزع وينزو» ، يقول: لا تنتكث قوته ما دام ينزع في القوس، وينزو في السرج، من غير أن يستعين بركاب.
وقال أيضا:«الراحة عقلة، وإيّاكم والسّمنة فانّها عقلة»[٦] .
[١] أبو قيس بن الأسلت: صيفي بن الأسلت بن عامر بن جشم بن وائل الأنصاري، وكانت الأوس قد أسندت أمرها إلى أبي قيس وجعلته رئيسا عليها، فكفى وساد، واختلف في إسلامه، فقيل: إنه أسلم، وقيل إنه وعد بالإسلام، ثم سبق إليه الموت فلم يسلم، توفي سنة ١ هـ. (الإصابة، باب الكنى ص ٩٣٥، تهذيب ابن عساكر ٦/٤٥٤، معاهد التنصيص ٢/٢٥، الأغاني ١٥/١٤٥) [٢] البيتان في البيان والتبيين ٣/٢٣. [٣] في البيان والتبيين: (بغير خلابة مكر) بسقوط (وبغير) من سهو الطبع. [٤] الركب: بضمتين، جمع ركاب، وهو ما يضع فيه الفارس رجله. [٥] الأزارقة: نسبة إلى نافع بن الأرزق الحنفي، أحد شجعان الخوارج الذين ظهروا في العصر الأموي، توفي سنة ٦٥ هـ. (الكامل للمبرد ٢/١٧٢- ١٨١) ، والخبر في البيان والتبيين ٣/٢٣. [٦] عقلة: أي تعقل صاحبها وتحبسه. والخبر في البيان والتبيين ٣/٢٣.