فما لزمان بعد موتك ذمّة ... ولا أحد في العيش بعدك راغب [١١٦ ظ]
ولا كنت ممّن يقسم الهول لبّه ... شعاعا ولا سدّت عليك المذاهب [١]
ولو شئت والآجال صعر خدودها ... لنجّتك منها الناجيات السلاهب [٢]
وصهب من العيدي لا الزيغ قادها ... إليك ولا مدح من القول كاذب [٣]
تعودن خبط الليل في كلّ سربخ ... فقد عرفت أخفافهنّ السباسب [٤]
نعاك لها الناعي فأصبحن ضلّعا ... عجافا وخانتها الذّرى والغوارب [٥]
فان حمّل الدهر الرزايا نفوسكم ... فأنتم قروم الحادثات المصاعب [٦]
وإن تغلبوا الأملاك أو يغلبوكم ... ففي الناس مغلوب كريم وغالب
[[أبو السري الأعمى يذكر خداشا]]
وأبو السري الأعمى شاعر كان في أعجاز أيام بني أمية، وهو القائل في رواية أحمد بن يحيى بن جابر، هذه الأبيات: [الخفيف]
وخداش المحلّ إذ خدش الدي ... ن وأوفى بدعوة الضّلّال
دان بالرفض والتحرّم حينا ... وبقتل النساء والأطفال
أي شيء يكون أعجب من ذا ... أزرقيّ ورافضي في حال
قال هذا: يعني به عمار بن يزداد [٧] ، وكان قد أنفذه محمد بن
[١] لبّه: عقله ونفسه. شعاعا: تفرقا، أي خوفا.
[٢] الناجيات: الإبل السريعة. السلاهب: الطويلة، والمسرعات في العدو.
[٣] الصهب: الخيل الصفر التي يضرب لونها إلى الحمرة أو البياض. العيدي: النجائب العيدية، نسبة إلى العيدي بن الندغي بن مهرة بن حيدان، أو إلى بني عيد بن الأمري، أي أنها نجيبة أصيلة. (القاموس المحيط: عيد)
[٤] السربخ: الأرض الواسعة المضلة. السباسب: المفازات.
[٥] الذرى: أراد بها الأسنمة. الغوارب: الكواهل، وما بين السنام والعنق. أراد أنها أصبحت ضعيفة مهزولة.
[٦] القروم: السادة العظماء.
[٧] كذا في الأصل: (عمار بن يزداد) وفي الطبري: (عمار بن يزيد) سمي خداشا لأنه خدش الدين، وفي سنة ١١٧ هـ وجهه بكير بن ماهان إلى خراسان واليا على شيعة بني العباس،-