فرفع ثميرة وأخوه إلى وال في قتل، فقتل أخاه وأطلقه احتقارا له، فلما أجنّه الليل، عمد إلى السيف الذي قتل به أخاه فتيمّم به الوالي، وهو يقول [الكامل]
لله درّك ما أردت لثائر ... حرّان ليس عن التراب براقد
أحقدتم ثم اضطجعت ولم تنم ... أسفا عليك وأين نوم الحاقد
فقال له الوالي: ويلك يا ثميرة، اقتل أخي كما قتلت أخاك واستبقني، فقال: كلا والله إنك قتلت أخي استكبارا، وتركتني احتقارا. ثم قتله، وانصرف إلى أهله، فخطبه النساء ورغبن فيه، فقال: لا أفعل حتى أفي بنذر أخي، فمضى إلى عبد الله بن جعفر [١] ، فقصده حتى نحر ثمانين بدنة.
[[قضاء ابن بيض]]
نازع هشام بن عبد الملك [٢] مسلمة بن عبد الملك [٣] في بيت من الشعر، فقال له مسلمة [٤٥ و] : بيني وبينك ابن بيض، قال: وأين هو؟ قال:
بالباب، قال: فادخلوه، وأنشد البيت، وأخبر بقولهما، فقال: من يقول بقولك يا أمير المؤمنين أكثر ممن يقول بقوله، فقال: قضى لي وربّ الكعبة، فقال مسلمة: بل قضى لي ورب الكعبة، فقال هشام: وكيف؟ قال يزعم أنّ الجهّال أكثر من العلماء، فقال: أكذلك يا ابن بيض؟ قال: كذاك قال مسلمة.
[١] عبد الله بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي: صحابي، ولد بأرض الحبشة لما هاجر أبوه إليها، كان كريما يسمى (بحر الجود) ، وللشعراء فيه مدائح، وكان أحد الأمراء في جيش علي يوم (صفين) توفي بالمدينة سنة ٨٠ هـ. (الإصابة ت ٤٥٨٢، فوات الوفيات ١/٢٠٩، ذيل المذيل ص ٣٢) . [٢] هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم: من خلفاء الأمويين، كان حسن السياسة، يباشر الأمور بنفسه، توفي سنة ١٢٥ هـ. (الطبري ٨/٢٨٤، ابن الأثير ٥/٩٦، ابن خلدون ٣/٨٠- ١٣٠) . [٣] مسلمة بن عبد الملك بن مروان بن الحكم: أمير من بني أمية بدمشق، له فتوحات مشهورة، توفي بالشام سنة ١٢٠ هـ (نسب قريش ص ١٦٥، دول الإسلام ١/٦٢، تهذيب التهذيب ١٠/١٤٤) .