واختلف في "الفَرْج" الذي عَنَى اللَّهُ جَلَّ ثناؤُه أنها أحْصَنَتْه؛ فقال بعضُهم: عنى بذلك فرجَ نَفْسِها؛ أنها حَفِظَتْه مِن الفاحشةِ.
وقال آخرون: عنَى بذلك جَيْبَ دِرْعِها؛ أنها مَنَعَتْ جبريلَ منه قبلَ أن تَعْلَمَ أنه رسولُ ربِّها، وقبل أن تُثْبِتَه مَعْرِفَةً. قالوا: والذي يدُلُّ على ذلك قوله: ﴿فَنَفَخْنَا فِيهَا﴾. ويَعْقُبُ (١) ذلك قولَه: ﴿وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا﴾. قالوا: وكان معلومًا بذلك أن معنى الكلامِ: والتي أحصَنَتْ جَيْبَها (٢) فنَفَخْنا فيها من رُوحِنا.
قال أبو جعفرٍ: والذي هو أَوْلَى القولَيْن عندَنا بتأويلِ ذلك قولُ مَن قال: أحصنتْ فرجَها مِن الفاحشةِ. لأن ذلك هو الأغْلَبُ مِن مَعْنَيَيْه عليه، والأَظْهَرُ في ظاهرِ الكلامِ.
﴿فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا﴾. يقولُ: فنفحْنا في جيبِ درعِها مِن رُوحِنا. وقد ذكرْنا اختلافَ المُختلِفِين [في معنى قولِه: ﴿فَنَفَخْنَا فِيهَا﴾](٣).
لو في غيرِ هذا الموضعِ، والأَوْلَى بالصوابِ مِن القولِ في ذلك فيما مضَى، بما أغْنَى عن إعادتِه في هذا الموضعِ (٤).
(١) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "يعقبه". (٢) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "فرجها". (٣) سقط من: ت ٢. (٤) ينظر ما تقدم في ١٥/ ٤٩٠، ٤٩١، ولم ينص المصنف هناك على اختلاف المختلفين، ولا ذَكَر الأولى بالصواب، فلعلَّ ذلك كان مما فسَّره المصنف ثم اختصره.