للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فدعا رسول اللَّه ، فسقوا الغيث، فأطبقت عليهم سبعًا، فشكا الناس كثرة المطر، فقال:

"اللهم! حوالينا ولا علينا".

فانحدرت السحابة (١) عن رأسه، فَسُقِيَ الناس حولهم.

قال: لقد مضت آية الدخان، وهو الجوع الذي أصابهم، وذلك قوله: ﴿إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (١٥)[الدخان: ١٥]، وآية الروم، والبطشة الكبرى، وانشقاف القمر، وذلك كله يوم بدر (٢).


(١) الأصل: "فانجذب السحاب"، والتصحيح من "البخاري"و "الدر".
(٢) هذه الرواية ليست للشيخين؛ وإنما هي للبيهقي؛ كما في "الفتح" (٢/ ٥١١)، و"الدر المنثور" (٦/ ٢٨)، وإنما للبخاري الشطر الثاني منها معلقًا، ووصلها الجوزقي والبيهقي، وفي إسنادها أسباط بن نصر؛ قال في "التقريب": "صدوق كثير الخطأ"، وفي روايته نكارة ظاهرة؛ وهي قوله: "وذلك كله يوم بدر"؛ لأن انشقاق القمر إنما كان في (مكة)؛ كما هو معلوم في أحاديث كثيرة في "الصحيحين" وغيرهما، وقد لاحظ هذا الإمام البيهقي، ولهذا فسر الرواية بأن راويها لم يرد آية القمر. ولا يخفى أن هذا نوع من التأويل قد يستساغ حين تكون الرواية سالمة من الضعف، وهذه ليست كذلك؛ كما سبق بيانه. على أنه قد خفي على البيهقي أن فيها نكارة أخرى؛ وهي جعله آية الدخان مما وقع يوم بدر، وهي إنما وقعت في (مكة)؛ كما هو الظاهر من روايات الحديث؛ بل قد صرح بذلك ابن مردويه في روايته عن ابن مسعود: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ﴾ قال: "جوع أصاب الناس بـ (مكة) "؛ كما في "الدر" (٦/ ٢٨). على أن فيه نكارة أخرى؛ وهي قوله: "فشكا الناس. . . فسقي الناس حولهم"، فإن هذا في حديث أنس في استسقائه في (المدينة) (انظر مختصر البخاري ٤٩٧)، فاختلط على الراوي هذا بحديث الباب فأدخله فيه، وذلك مما جزم به الداودي وغيره، ونسبوا أسباط بن نصر إلى الغلط فيه. وقد حاول الحافظ في "الفتح" (٢/ ٥١١) تبرئته من ذلك بشاهد ذكره من حديث كعب بن =

<<  <   >  >>