خرجنا مع رسول اللَّه ﷺ، حتى إذا كنا بـ (وَدّان) قال:
"مكانكم حتى آتيكم". فانطلق، ثم جاءنا وهو ثقيل، فقال:
"إني أتيت قبر أم محمد، فسألت ربي الشفاعة -يعني: لها- فمنعنيها (١)، وإني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها".
ورواه البيهقي من طريق أخرى عنه بلفظ.
انتهى النبي ﷺ إلى رسم قبرٍ فجلس، وجلس الناس حوله، فجعل يحرك رأسه كالمخاطب، ثم بكى، فاستقبله عمر، فقال: ما يبكيك يا رسول اللَّه؟ قال:
"هذا قبر آمنة بنت وهب، استأذنت ربي في أن أزور قبرها فأذن لي، واستأذنته في الاستغفار لها فأبى عليَّ، وأدركتني رقتها فبكيت"(٢).
قال: فما رأيت ساعة أكثر باكيًا من تلك الساعة.
ورواه البيهقي من طريق أخرى نحوه.
وهو والحاكم من حديث عبد اللَّه بن مسعود.
(١) قلت: وفي رواية لأحمد وابن أبي شيبة: "فدمعت عيناي رحمة لها من النار". انظر: "أحكام الجنائز" (١٨٨). (٢) قلت: وهو حديث صحيح بمجموع طريقيه، وله أسانيد أخرى أحدها صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي، وهو مخرج في "أحكام الجنائز" (ص ١٨٨).