باب هجرة من هاجر من أصحاب رسول اللَّه ﷺ من (مكة) إلى أرض الحبشة فرارًا بدينهم من الفتنة
قد تقدم ذكر أذية المشركين للمستضعفين من المؤمنين، وما كانوا يعاملونهم به من الضرب الشديد والإهانة البالغة.
وكان اللَّه ﷿ قد حجرهم عن رسول اللَّه ﷺ، ومنعه بعمه أبي طالب؛ كما تقدم تفصيله، وللَّه الحمد والمنة.
وقد روى الإمام أحمد (١) بسنده عن ابن مسعود قال:
بعثنا رسول اللَّه ﷺ إلى النجاشي ونحن نحو من ثمانين رجلًا، فيهم
(١) في "المسند" (١/ ٤٦١)، وكذا الحاكم (٢/ ٦٢٣)، وابن سيد الناس في "عيون الأثر" (١/ ١١٨) من طريق حُديج بن معاوية عن أبي إسحاق عن عبد اللَّه بن عتبة عن ابن مسعود. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد"، وقد أقره الذهبي، وذكر تبعًا للحاكم أنه مر عنده في "التفسير"، ولم أره فيه؛ علمًا بأن في نسختي العارية نقصًا ما بين صفحتي (٤٠٦ و ٤١٥)، وقد جود المؤلف إسناده كما يأتي، وحسنه الحافظ في "الفتح" (٧/ ١٨٩)، وهو الأقرب؛ لولا عنعنة أبي إسحاق -وهو عمرو بن عبد اللَّه السبيعي- ثم هو إلى ذلك كان اختلط، والراوي عنه حُديج صدوق يخطئ، وبه أعله الهيثمي فقال: "رواه الطبراني، وفيه حُديج ابن معاوية؛ وثقه أبو حاتم، وقال: في بعض حديثه ضعف، وضعفه ابن معين وغيره، وبقية رجاله ثقات"، وفاته عزوه إلى "المسند".