للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فصل]

وذكر ابن إسحاق ما كانت قريش ابتدعوه في تسميتهم الحُمْس (١)، وهو: الشدة في الدين والصلابة.

وذلك لأنهم عظَّموا الحرم تعظيمًا زائدًا؛ بحيث التزموا بسببه أن لا يخرجوا منه ليلة عرفة، وكانوا يقولون: نحن أبناء الحرم، وقطّان بيت اللَّه. فكانوا لا يقفون بعرفات -مع علمهم أنها من مشاعر إبراهيم حتى لا يخرجوا عن نظام ما كانوا قرروه من البدعة الفاسدة، وكانوا يمنعون الحجيج والعمَّار -ما داموا محرمين- أن يأكلوا إلا من طعام قريش، ولا يطوفوا إلا في ثياب قريش، فإن لم يجد أحد منهم ثوب أحد من الحُمْس؛ طاف عريانًا ولو كانت امرأة، ولهذا كانت المرأة إذا اتفق طوافها لذلك؛ وضعت يدها على فرجها وتقول:

اليوم يبدو بعضه أو كله … وما بدا منه فلا أحله

قال ابن إسحاق: فكانوا كذلك حتى بعث اللَّه محمدًا ، وأنزل عليه القرآن ردًّا عليهم فيما ابتدعوه، فقال: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾؛ أي: جمهور العرب من عرفات، ﴿وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: ١٩٩].

وقد قدمنا (٢): أن رسول اللَّه كان يقف بعرفات قبل أن ينزل عليه؛ توفيقًا من اللَّه له.


(١) بالحاء المهملة، ووقع في "كتاب أبو زهرة" (١٧٥) بالخاء المعجمة في مواطن!
(٢) (ص ٣٣).

<<  <   >  >>