قرأ النبي ﷺ: ﴿وَالنَّجْمِ﴾ بـ (مكة)، فسجد فيها وسجد من معه؛ غير شيخ أخذ كفًّا من حصًا أو تراب فرفعه إلى جبهته، وقال: يكفيني هذا. فرأيته بَعْدُ قُتِلَ كافرًا (١).
وروى أحمد وعنه النسائي عن المطلب بن أبي وداعة قال:
قرأ رسول اللَّه ﷺ بـ (مكة) سورة (النجم)، فسجد، وسجد من عنده، فرفعت رأسي وأبيت أن أسجد.
ولم يكن أسلم يومئذٍ المطلب، فكان بعد ذلك لا يسمع أحدًا يقرؤها إلا سجد معه (٢).
وقد يجمع بين هذا والذي قبله بأن هذا سجد ولكنه رفع رأسه استكبارًا، وذلك الشيخ الذي استثناه ابن مسعود لم يسجد بالكلية. واللَّه أعلم.
والمقصود أن الناقل لا رأى المشركين قد سجدوا متابعة لرسول اللَّه ﷺ؛ اعتقد أنهم قد أسلموا واصطلحوا معه، ولم يبق نزاع بينهم.
فطار الخبر بذلك، وانتشر حتى بلغ مهاجرة الحبشة بها، فظنوا صحة ذلك،
(١) قلت: زاد البخاري في رواية: "وهو أمية بن خلف"، وانظر: "مختصر البخاري" (٥٥٦). وأمية هذا قتل في غزوة بدر؛ كما سيأتي فيها. قال الحافظ (٢/ ٥٥١): "ووقع في "سيرة ابن إسحاق": أنه الوليد بن المغيرة، وفيه نظر؛ لأنه لم يقتل". قلت: بل هو باطل لمخالفته لرواية البخاري هذه. وعن ابن إسحاق رواه ابن جرير في "التفسير" (١٧/ ١٨٧). (٢) "المسند" (٣/ ٤٢٠)، وعنه النسائي (٢/ ١٢٣)، وكذا الحاكم (٣/ ٦٣٣)، وإسناده صحيح؛ كما قال الحافظ في "الفتح" (٨/ ٦١٥)، ومن العجيب أن الحاكم والذهبي بيضا له!!