فقالوا: وماذا نقول؟! نقول -واللَّه- ما نعرف وما نحن عليه من أمر ديننا، وما جاء به نبينا ﷺ كائن من ذلك ما كان.
فلما دخلوا عليه كان الذي يكلمه منهم جعفر بن أبي طالب ﵁.
فقال له النجاشي: ما هذا الدين الذي أنتم عليه؟ فارقتم دين قومكم، ولم تدخلوا في يهودية ولا نصرانية!
فقال له جعفر: أيها الملك! كنا قومًا على الشرك نعبد الأوثان، ونأكل الميتة، ونسيء الجوار، يستحل المحارم بعضنا من بعض في سفك الدماء وغيرها، لا نُحلل شيئًا ولا نحرمه، فبعث اللَّه إلينا نبيًّا من أنفسنا، نعرف وفاءه وصدقه وأمانته، فدعانا بلى أن نعبد اللَّه وحده لا شريك له، ونصل الأرحام، ونحمي الجوار، ونصلي للَّه ﷿، ونصوم له، ولا نعبد غيره.
(وقال زياد (١) عن ابن إسحاق: فدعانا إلى اللَّه لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الأرحام، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة، وأمرنا أن نعبد اللَّه ولا نشرك به شيئًا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام -قال: فعدد عليه أمور الإسلام-
(١) هو زياد البكائي راوي "السيرة" عن ابن إسحاق، وهي التي اختصرها ابن هشام دون رواية يونس بن بكير عنه، وبين روايتهما عنه بعض الاختلاف، ولذلك نرى المؤلف يذكر الفرق بين روايتهما في هذا الحديث، وإن كان لم يفصح عن منتهى رواية زياد، فاستدركت ذلك بجعلها بين هلالين.