قالوا: جاءنا به رجل من أنفسنا، قد عرفنا وجهه ونسبه، بعثه اللَّه إلينا كما بعث الرسل إلى من قبلنا، فأمرنا بالبر والصدقة، والوفاء، وأداء الأمانة، ونهانا أن نعبد الأوثان، وأمرنا بعبادة اللَّه وحده لا شريك له، فصدقناه، وعرفنا كلام اللَّه، وعلمنا أن الذي جاء به من عند اللَّه، فلما فعلنا ذلك عادانا قومنا، وعادوا النبي الصادق، وكذبوه، وأرادوا قتله، وأرادونا على عبادة الأوثان، ففررنا إليك بديننا ودمائنا من قومنا.
قال: واللَّه؛ إن هذا لمن المشكاة التي خرج منها أمر موسى.
قال جعفر: وأما التحية؛ فإن رسول اللَّه ﷺ أخبرنا أن تحية أهل الجنة (السلام)، وأمرنا بذلك، فحييناك بالذي يحيى بعضنا بعضًا.
وأما عيسى ابن مريم؛ فعبد اللَّه ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وابن العذراء البتول.
فأخذ عودًا، وقال: واللَّه؛ ما زاد ابن مريم على هذا وزن هذا العود.
فقال عظماء الحبشة: واللَّه؛ لئن سمعت الحبشة لتخلعنك.
فقال: واللَّه؛ لا أقول في عيسى غير هذا أبدًا، وما أطاع اللَّه الناس فيَّ حين رد عليّ ملكي؛ فأطيع الناس في دين اللَّه؟! معاذ اللَّه من ذلك!
وقال يونس عن ابن إسحاق: فأرسل إليهم النجاشي فجمعهم، ولم يكن شيء أبغض لعمرو بن العاص وعبد اللَّه بن أبي ربيعة من أن يسمع كلامهم.
فلما جاءهم رسول النجاشي اجتمع القوم فقالوا: ماذا تقولون؟