للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: قلت: لمن؟ قال: للَّه. قال: فأين تَوَجَّهُ؟ قال: حيث وجهني اللَّه. قال: وأصلي عشاء، حتى إذا كان من آخر الليل أُلْقِيتُ كأني خِفاء (١) حتى تعلوني الشمس.

قال: فقال أنيس: إن لي حاجة بمكة، فاكفني (٢) حتى آتيك.

قال: فانطلق فراث عليَّ، ثم أتاني، فقلت: ما حبسك؟ قال: لقيت رجلًا يزعم أن اللَّه ﷿ أرسله على دينك. قال: فقلت: ما يقول الناس له؟ قال: يقولون: إنه شاعر وساحر [وكاهن]. وكان أنيس شاعرًا.

قال: فقال: قد سمعت قول الكهان، فما يقول بقولهم، وقد وضعت قوله على أقراء الشعر (٣)، فواللَّه؛ ما يلتئم لسان أحد أنه شعر، واللَّه؛ إنه لصادق، وإنهم لكاذبون.

قال: فقلت له: هل أنت كافيَّ حتى أنطلق فأنظر؟ قال: نعم، وكن من أهل (مكة) على حذر؛ فإنهم قد شَنِفوا له (٤)، وتجهموا له.

قال: فانطلقت حتى قدمت (مكة)، فتضعفت رجلًا منهم، فقلت: أين هذا الرجل الذي تدعونه الصابئ؟ قال: فأشار إليَّ. [قال: الصابئ. قال:] فمال أهل الوادي عليَّ بكل مَدَرَة وعظم، حتى خررت مغشيًّا عليّ، فارتفعت حين ارتفعت كأني نُصُبٌ أحمر (٥).


(١) أي: كساء؛ وزنًا ومعنى.
(٢) الأصل: "فألقني"، والتصويب من "المسند" و"مسلم"، والزيادة منهما.
(٣) أي: طرقه وأنواعه.
(٤) الأصل: "شنعوا"، والتصويب من "المسند" و"مسلم"؛ أي: أبغضوه.
(٥) أي: من كثرة الدماء.

<<  <   >  >>