ومن كلام المفسرين في توجيه هذه الآية أن الضمير في:(به) يعود على الله تعالى، وفي:(له) يعود على موسى ﵇. وإما أن يكون الضميران كلاهما عائدين إلى موسى ﵇، فتكون الآية الأولى كقولنا: آمن بالرسول، ويكون المعنى في الآيتين الأخريين: آمنتم من أجله وأجل ما أتى به من الآيات.
أو أن يكون المعدى بالباء دالاً على التصديق، والمعدى باللام دالاً على الانقياد والإذعان، يقول ابن الزبير:(الباء في قوله: ﴿آمَنْتُمْ بِهِ﴾ واللام في ﴿آمَنْتُمْ لَهُ﴾ محتاج إلى كل واحدة منهما من حيث إن التصديق والانقياد معنيان يحتاج إليهما، والباء تحرز التصديق واللام تحرز الانقياد والإذعان، فبدئ بالباء المعطية معنى التصديق وهي أخص بالمقصود من اللام، فاقتضى الترتيب تقديمها، ثم أعقب في السورتين بعد باللام حتى كأن قد قيل لهم أصدقتموه منقادين له في دعائه إياكم إلى الإيمان بما جاء من عند الله فحصل المقصود على أكمل ما يمكن. والله أعلم)(١). فاللام هنا أفادت اللفظ معنى الاتباع على طريقة التضمين.
فانظر إلى هذا الكم الكبير من المعاني التي أفادها تنوع استعمال القرآن الكريم للحرف.
(١) ملاك التأويل، ابن الزبير، ج ١، ص ٢٢٠. وانظر أيضا: درة التنزيل، الخطيب، ص ٩٨ وما بعدها.