أما الرسالة الشافية فهي مطبوعة ضمن كتاب:(ثلاث رسائل في الإعجاز) بتحقيق: محمد خلف الله أحمد، ومحمد زغلول سلام، ثم طبعت مع كتابه:(دلائل الإعجاز) بتحقيق الأديب الكبير محمود شاكر.
ولعل هذه الرسالة -الرسالة الشافية- أكثر الرسائل الثلاث ترتيباً وتنظيماً، وقد قدم لها عبد القاهر بمقدمة لطيفة على خلاف صنيع الخطابي في رسالته:«بيان إعجاز القرآن».
يرى عبد القاهر أن القرآن الكريم نزل بلغة العرب، فلا بد من الوقوف على لغتهم بكل ما فيها من شعرهم ونثرهم، حتى نستبين بلاغة القرآن الكريم وبيانه.
ويذكر ﵀: أن المعتد به في الإعجاز إنما هو عجز المتقدمين لا المتأخرين.
كما بين عبد القاهر أن ردة فعل العرب دلت دلالة واضحة على عجزهم عن الإتيان بمثل القرآن الكريم، ويتمثل ذلك في أمرين:
الأول: أن الناس في ذلك الزمان لم يكونوا ليسلموا لخصومهم - في ما يعارضونهم فيه أيا ما يكن الأمر المعارَضُ فيه وأيا ما يكن صاحبها، مع قدرتهم على المعارضة.
ومن ذلك تلكم المناظرات الشعرية التي كانت تجري بين الشعراء، حتى اشتهر أمرها وذاع صيتها وبقي صوتها إلى زماننا الذي نحن فيه.
ومن ذلك -أيضا- ما سجله التاريخ من نزاعات شعرية بين جرير والفرزدق، حيث كان كل واحد منهما جاداً كل الجد في إسقاط الآخر وتنزيل رايته.