هذه وصية من الله لنبيه صلّى الله عليه وسلّم تعم جميع أمته، وهي أمر بجميع مكارم الأخلاق. وقد جمعت الآية الكريمة أصول الفضائل الثلاث وهي أولا- الأخذ بالعفو: وهو السهل من أخلاق الناس وأعمالهم، دون تكليفهم بما يشق عليهم ومن غير تجسس. فلا تشدد في شيء من الحقوق المالية والأدبية، ولا غلظة ولا فظاظة. ويكون معنى قوله تعالى: خُذِ الْعَفْوَ أي اقبل من الناس في أخلاقهم وأقوالهم ومعاشرتهم ما أتى عفوا دون تكلف. فالعفو هنا: الفضل والصفو الذي تهيأ دون تحرج.
والفضيلة الثانية- الأمر بالعرف وهو المعروف والجميل من الأفعال: وهو كل ما أمر به الشرع، وتعارفه الناس من الخير، واستحسنه العقلاء. المعروف: اسم جامع لكل خير من طاعة وبر وإحسان إلى الناس.
روي أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال لجبريل:«ما هذا العرف الذي أمر به؟ قال: لا أدري حتى أسأل العالم، فرجع إلى ربه فسأله، ثم جاءه فقال له: يا محمد، هو أن تعطي من حرمك، وتصل من قطعك، وتعفو عمن ظلمك» .
ولا يذكر المعروف في القرآن إلا في الأحكام المهمة، مثل قوله تعالى في وصف الأمة الإسلامية: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ [آل عمران: ٣/ ١٠٤] ، وفي بيان الحقوق الزوجية وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة: ٢/ ٢٢٨] وفي
(١) مبدأ العفو والتيسير من أخلاق الناس. (٢) بالمعروف حسنه شرعا وعقلا. (٣) يصيبنك صارف أو وسوسة. (٤) أصابتهم لمّة أي وسوسة. [.....] (٥) تتعاون معهم الشياطين في الضلال. (٦) لا يكفّون عن إغوائهم.