للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ﴾ أي: اعلموا أن بين أظهركم رسولَ الله فعظّموه ووقروه، وتأدبوا معه، وانقادوا لأمره، فإنه أعلم بمصالحكم، وأشفق عليكم منكم، ورأيه فيكم أتمّ من رأيكم لأنفسكم، كما قال تعالى: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾.

ثم بَيَّن أن رأيهم سخيف بالنسبة إلى مراعاة مصالحهم فقال: ﴿لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ﴾، أي: لو أطاعكم في جميع ما تختارونه لأدّى ذلك إلى عنتكم وحَرَجكم، كما قال تعالى: ﴿وَلَو اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَينَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ﴾.

وقوله: ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ أي: حببه إلى نفوسكم وحَسّنه في قلوبكم.

قال الإِمام أحمد (٢٨): حدثنا بهز، حدثنا علي بن مسعدة، حدثنا قتادة، عن أنس قال: كان رسول الله يقول: "الإسلام علانية، والإِيمان في القلب". قال: ثم يشير بيده إلى صدره ثلاث مرات، ثم يقول: "التقوى هاهنا التقوى هاهنا".

﴿وَكَرَّهَ إِلَيكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ [وَالْعِصْيَانَ﴾ أي: وبَغَّض إليكم الكفر والفسوق وهي] [١] الذنوب الكبار والعصيان، وهي جميع المعاصي. وهذا تدريج لكمال النعمة.

وقوله: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ﴾ أي: المتصفون بهذه الصفة هم الراشدون الذين قد آتاهم الله رشدهم.

قال الإِمام أحمد (٢٩): حدثنا مروان بن معاوية الفَزَاري، حدثنا عبد الواحد بن أيمن [٢]


(٢٨) - إسناده ضعيف؛ لعنعنة قتادة، وفيه أيضًا علي بن مسعدة؛ ضعفه أبو داود وقال النسائي ليس بالقول وقال البخاري فيه نظر، ووثقه الطيالسي وقال يحيى بن معين: صالح، وضعف به الألباني هذا الحديث. والحديث أخرجه أحمد (٣/ ١٣٥) (١٢٤٠٣)، وأبو يعلى (٥/ ٣٠١ - ٣٠٢) (٢٩٢٣)، والعقيلي (٣/ ٢٥٠) في ترجمة علي بن مسعدة. كلهم من طريق علي كان مسعدة عن قتادة عن أنس. قال الهيثمي في المجمع (١/ ٥٧): رواه أحمد وأبو يعلى بتمامه والبزار باختصار، ورجاله رجال الصحيح، ما خلا علي بن مسعدة وقد وثقه ابن حبان، وأبو داود، وأبو حاتم، وابن معين، وضعفه آخرون. ا هـ.
(٢٩) - أخرجه أحمد (٣/ ٤٢٤)، والنسائي في الكبرى في كتاب عمل اليوم والليلة، باب: الاستنصار عند اللقاء، حديث (١٠٤٤٥) (٦/ ١٥٦)، والطبراني (٥/ ٤٧) (٤٥٤٩)، والحاكم (١/ ٥٠٦ - ٥٠٧)، وأبو نعيم في الحلية (١٠/ ١٢٧). =