يقول تعالى مخبرًا عن المنافقين: إنهم إنما يتفوهون بالإسلام إذا جاءوا النبي ﷺ، فأما في باطن الأمر فليسوا كذلك، بل على الضد من ذلك؛ ولهذا قال تعالى: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ﴾، أي: إذا حَضَروا عندك واجهوك بذلك، وأظهروا لك ذلك، وليسوا كما يقولون؛ ولهذا اعترض بجملة مخبرة أنه رسول الله، فقال: ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ﴾.
ثم قال: ﴿وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾، أي: فيما أخبروا به، وإن كان مطابقًا للخارج، لأنهم لم يكونوا يعتقدون صحة ما يقولون ولا صدقه، ولهذا كذبهم بالنسبة إلى اعتقادهم.
وقوله: ﴿اتَّخَذُوا أَيمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ أي: اتقوا الناس بالأيمان الكاذبة والحلْفَات [١] الآثمة، ليصدقوا فيما يقولون [فاغتر بهم من لا يعرف جلية أمرهم، فاعتقدوا أنهم مسلمون، فربما اقتدى بهم فيما يفعلون][٢] وصدقهم فيما يقولون، وهم من شأنهم أنهم كانوا في الباطن لا يألون الإسلام وأهله خبالًا، فحصل بهذا القدر ضرر كبير على كثير من الناس؛ ولهذا قال تعالى: ﴿فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾؛ و [لهذا][٣] كان الضحاك بن مُزاحم يقرؤها: ﴿اتَّخَذُوا أَيمَانَهُمْ جُنَّةً﴾، أي: تصديقهم الظاهر
[١]- في خ: الحلفان. [٢]- سقط من ز، خ. [٣]- سقط من ز، خ.