يخبر تعالى عن نفسه الكريمة؛ أن له الحمد المطلق في الدنيا والآخرة، لأنه المنعم المتفضل على أهل الدنيا والآخرة، المالك لجميع ذلك، الحاكم في جميع ذلك، كما قال: ﴿وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إلا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيهِ تُرْجَعُونَ﴾؛ ولهذا قال هاهنا: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾، أي: الجميع ملكه وعبيده وتحت قهره وتصرفه، كما قال: ﴿وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى﴾.
ثم قال: ﴿وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ﴾، فهو المعبود أبدًا، المحمود على طول المدى. وقال: ﴿وَهُوَ الْحَكِيمُ﴾، أي في أقواله وأفعاله وشرعه وقَدَره، ﴿الْخَبِيرُ﴾ الذي لا تخفى عليه خافية، ولا يغيب عنه شيء.
وقال مالك عن [١] الزهري: خبير بخلقه، حكيم بأمره؛ ولهذا قال: ﴿يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا﴾، أي: يعلم عدد القطر النازل في أجزاء الأرض، والحب المبذور والكامن فيها، ويعلم ما يخرج من ذلك. عدده وكيفيته وصفاته.
﴿وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ﴾، أي: من قطر ورزق، ﴿وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا﴾، أي [٢]: من الأعمال الصالحة وغير ذلك، ﴿وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ﴾، أي: الرحيم بعباده فلا يعاجل عُصاتهم بالعقوبة، الغفور عن ذنوب التائبين إليه المتوكلين عليه.