﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيكَ﴾ أي: هذا كتاب أنزلناه إليك يا محمد، وهو القرآن العظيم، الذي هو أشرف كتاب أنزله الله من السماء، على أشرف رسول بعثه الله في الأرض، إلى جميع أهلها عربهم وعجمهم. ﴿لِتُخْرِجَ [١] النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ أي: إنما بعثناك يا محمد بهذا الكتاب، لتخرج الناس مما هم فيه من الضلال والغي إلى الهدى والرشد، كما قال تعالى: ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ﴾ الآية. وقال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ الآية. وقوله: ﴿بِإِذْنِ رَبِّهِمْ﴾ أي: هو الهادي لمن قدر له الهداية على يدي رسوله المبعوث عن أمره يهديهم ﴿إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ أي: العزيز الذي لا يمانع ولا يغالب، بل هو القاهر لكل ما سواه ﴿الْحَمِيدِ﴾ أي: المحمود في جميع أفعاله وأقواله وشرعه وأمره ونهيه، الصادق في خبره. وقوله: ﴿اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ قرأه بعضهم مستأنفًا مرفوعًا [٢]، وقرأه آخرون على الإِتباع صفة للجلالة [٣]؛ كقوله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ الآية. وقوله: ﴿وَوَيلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾ أي: ويل لهم يوم القيامة إذ خالفوك
[١]- في خ: "ليخرج". [٢]- وهي قراءة نافع وابن عامر. [٣]- وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو وعاصم وحمزة والكسائي.