أما الكلام على الحروف المقطعة في أوائل السور فقد تقدم في أول سورة البقرة، وقدمنا أن كل سورة تبتدئ بهذه الحروف ففيها الانتصار للقرآن، وتبيان [أن نزوله][١] من عند الله حق لا شك فيه ولا مرية ولا ريب، ولهذا قال: ﴿تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ﴾ أي: هذه آيات الكتاب وهو القرآن، وقيل: التوراة والإِنجيل، قاله: مجاهد وقتادة، وفيه نظر، بل هو بعيد ثم عطف على ذلك عطف صفات، فقال [٢]: ﴿وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾ أي: يا محمد ﴿مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ﴾ خبر تقدم مبتدؤه وهو قوله: ﴿وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ هذا هو الصحيح المطابق لتفسير مجاهد وقتادة، واختار ابن جرير أن تكون الواو زائدة، أو عاطفة صفة على صفة، كما قدمنا، واستشهد بقول الشاعر:
إلى الملَكِ القَرْمِ [٣] وابْنِ الهُمَامِ … وَلَيثَ الكَتِيبَةِ في المُزدَحَمْ
وقوله [٤]: ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ﴾، كقوله: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ أي: مع هذا البيان والجلاء والوضوح لا يؤمن أكثرهم، لما فيهم من الشقاق والعناد والنفاق.
يخبر الله تعالى عن كمال قدرته وعظيم سلطانه: أنه [٥] الذي بإذنه وأمره رفع السموات بغير عمد، بل بإذنه وأمره وتسخيره رفعها عن الأرض بعدًا لا تنال [ولا يدرك][٦] مداها،
[١]- في ز: أنه نزل. [٢]- في ز، خ: "قوله". [٣]- في خ: "بلا نقط". [٤]- سقط من: خ. [٥]- سقط من: خ. [٦]- في ز: ولا تدرك.