أما الكلام على الحروف المقطعة فقد تقدم في أول "سورة البقرة". بما أغنى عن إعادته هاهنا.
وقوله: ﴿وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ﴾ أي: والقرآن المشتمل على ما فيه ذكر للعباد ونفع لهم في المعاش والمعاد. قال الضحاك في قوله: ﴿ذِي الذِّكْرِ﴾، كقوله: ﴿لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ﴾، أي: تذكيركم. وكذا قال قتادة، واختاره ابن جرير.
وقال ابن عباس، وسعيد بن جبير، وإسماعيل بن أبي خالد، وابن عيينة، وأبو حصين، وأبو صالح، والسدي: ﴿ذِي الذِّكْرِ﴾: ذي الشرف، أي: ذي الشأن والمكانة.
ولا منافاة بين القولين فإنه كتاب شريف مشتمل على التذكير والإعذار والإنذار، واختلفوا في جواب هذا القسم، فقال بعضهم: هو قوله: ﴿إِنْ كُلٌّ إلا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ﴾. وقيل: قوله: ﴿إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ﴾، حكاهما ابن جرير، [وهذا الثاني فيه بُعد كبير، وَضَعّفَه ابن جرير][١].
وقال قتادة: جوابه: ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ﴾، [واختاره ابن جرير][٢].
وقيل: جوابه ما تضمنه سياق السورة بكمالها، والله أعلم.
ثم حكى ابن جرير عن بعض أهل العربية [٣] أنه قال: جوابه: "ص" بمعنى [٤]: صدق حق والقرآن ذي الذكر.
وقوله: ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ﴾ أي: إن في هذا القرآن لذكرًا [٥] لمن يتذكر، وعبرة لمن يعتبر. وإنما لم ينتفع به الكافرون لأنهم ﴿فِي عِزَّةٍ﴾ أي: استكبار عنه وحمية، ﴿وَشِقَاقٍ﴾ أي: مخالفة له ومعاندة ومفارقة.
[١]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ، ز. [٢]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ، ز. [٣]- في ت: "العلم". [٤]- سقط من: خ، ز. [٥]- في ز: "لذكر".