فهذه ثلاث آيات ليس لهنّ رابعة في معناها، وهو أن الله تعالى يأمر بمصانعة العدوّ الإنسي والإحسان إليه؛ ليردّه عنه [٣] طبعه الطيب الأصل إلى الموالاة [٤] والمصافاة، ويأمر بالاستعاذة به من العدوّ الشيطاني لا محالة إذ لا يقبل مصانعة ولا إحسانًا، ولا يبتغي غير هلاك ابن آدم؛ لشدة العداوة بينه وبين أبيه آدم من قبل، كما قال تعالى: ﴿يَابَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ﴾ وقال تعالى: ﴿إِنَّ الشَّيطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ وقال: ﴿أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا﴾ وقد أقسم للوالد آدم ﵇ أنه له [٥] لمن الناصحين وكذب فكيف معاملته لنا وقد قال: ﴿فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْويَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ وقال الله تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ إِنَّهُ لَيسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ﴾.
قالت طائفة من القرّاء وغيرهم: يتعوّذ [٦] بعد القراءة واعتمدوا على ظاهر سياق الآية ولدفع الإعجاب بعد فراغ العبادة، وممن ذهب إلى ذلك حمزة فيما ذكره ابن قلوقا [٧] عنه وأبو حاتم السجستاني، حكى ذلك أبو القاسم يوسف بن علي بن جُبارة الهذلي المغربي في كتابه "الكامل"، وروي عن أبي هريرة أيضًا وهو غريب، [ونقله محمد بن عمر الرازي في تفسيره عن ابن سيرين في رواية عنه قال: وهو قول إبراهيم النخعي وداود بن علي الأصبهاني الظاهري.
[١]- سقط من ر. [٢]- سقط من ز، خ. [٣]- سقط من ز. [٤]- في ز: الموادة. [٥]- سقط من ز. [٦]- في ز: نتعوذ. [٧]- في خ: "ملوما"، وفي ز: فلوفا.