وإنما ذكرنا ذلك هاهنا؛ لأن هذه الآية التي في النساء متقدمة النزول على [٢] آية المائدة، وبيانه أن هذه نزلت قبل تحتم تحريم الخمر، والخمر إنما حرم بعد أحد بيسير [٣]. يقال: في محاصرة النبي ﷺ لبني النضير [بعد أحد بيسير][٤]، وأما المائدة! فإنها من أواخر [٥] ما نزل، ولا سيما صدرها، فناسب أن يذكر السبب هاهنا، وبالله الثقة.
وقال الإمام أحمد (٥٠٥): حدّثنا ابن نمير، حدثنا هشام، عن أبيه، عن عائشة، أنها استعارت من أسماء قلادة، فهلكت، فبعث رسول الله ﷺ رجالًا في طلبها فوجدوها، فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماء، فصلوها [٦] بغير وضوء، فشكوا ذلك إلى النبي ﷺ، فأنزل الله آية التيمم. فقال أسيد بن الحضير لعائشة: جزاك الله خيرًا، فوالله ما نزل بك أمر تكرهينه إلا جعل الله لك [٧] وللمسلمين فيه خيرًا.
(طريق [٨] أخرى): قال البخاري (٥٠٦): حدثنا عبد الله بن يوسف، أنبأنا مالك، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، قالت: خرجنا مع رسول الله ﷺ في بعض أسفاره حتى إذا كنا بالبيداء [٩] أو بذات الجيش انقطع عقد لي، فأقام رسول الله ﷺ على التماسه، وأقام الناس معه، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء، فأتى الناس إلى أبي بكر، فقالوا: ألا ترى ما صنعت عائشة، أقامت برسول الله ﷺ وبالناس، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء، فجاء أبو بكر ورسول الله ﷺ
(٥٠٥) -) " المسند" (٦/ ٥٧) وأخرجه البخارى، كتاب التيمم، باب: إذا لم يجد ماء ولا ترابًا (٣٣٦) وانظر أطرافه عند رقم (٣٣٤) - ومسلم، كتاب الحيض، باب: التيمم (١٠٩) (٣٦٧)، وأبو داود (٣١٧)، والنسائي (١/ ١٧٢)، وابن ماجة (٥٦٨) من طرق عن هشام بن عروة به، وانظر ما بعده. (٥٠٦) - صحيح البخارى، فاتحة كتاب التيمم (٣٣٤) مختصرًا، كتاب النكاح، باب: قول الرجل لصاحبه: هل أعرستم الليلة … (٥٢٥٠)، وأخرجه، كتاب فضائل الصحابة (٣٦٧٢) ثنا قتيبة بن سعيد، كتاب التفسير (٤٦٠٧) حدثنا إسماعيل، كلاهما (قتيبة وإسماعيل) حدثنى مالك به، ورواه مسلم (١٠٨) (٣٦٧) حدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك به.