أما الكلام على الحروف المقطعة في أوائل السور، فقد تكلمنا عليه في أول تفسير سورة البقرة.
وقوله: ﴿تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾، أي: هذه آيات القرآن المبين، أي: البين الواضح، الذي يفصل [١] بين الحق والباطل، والغيّ والرشاد.
وقوله: ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ﴾، أي: مهلك ﴿نَفْسَكَ﴾، أي: مما تحرص [عليهم][٢] وتحزن عليهم، ﴿أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾. وهذه تسلية من الله لرسوله - صلوات الله وسلامه عليه - في عدم إيمان من لم يؤمن به من الكفار، كما قال تعالى: ﴿فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيهِمْ حَسَرَاتٍ﴾ وقال: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا﴾ قال مجاهد، وعكرمة، والحسن، وقتادة، وعطية، والضحاك: ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ﴾، أي: قاتل نفسك، قال الشاعر:
ألا أيّهذا الباخعُ الحزنُ نفسَه … لشيء [٣] نحتْه عن يديه المقادِرُ
ثم قال الله تعالى: ﴿إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ﴾ أي: لو شئنا لأنزلنا آية تضطرهم إلى الإِيمان قهرًا، ولكنّا لا نفعل ذلك، لأنا لا نريد من أحد
[١]- في ز، خ: "يفعل". [٢]- ما بين المعكوفتين سقط من: ت. [٣]- في ز، خ: "شيء".