للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحارث، وأقبل الحارث بأصحابه حتى إذا استقبل البعث وفَصَل عن المدينة لقيهم الحارث، فقالوا: هذا الحارث. فلما غشيهم قال لهم: إلى من بُعثتم؟ قالوا: إليك. قال: ولم؟ قالوا: إن رسول الله كان [١] بعث إليك الوليد بن عقبة، فزعم أنك منعته الزكاة وأردت قتله. قال: لا، والذي بعث محمدًا بالحق ما رأيته بَتَّةً ولا أتاني. فلما دخل الحارث على رسول الله قال: "منعت الزكاة وأردت قتلَ رسولي؟ ". قال: لا. والذي بعثك بالحق ما رأيته ولا أتاني، وما أقبلت إلا حين احتبس عليّ رسولُ رسول الله ، خشيت أن يكون كانت سخطة من الله ورسوله. قال: فنزلت الحجرات: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ﴾ إلى قوله: ﴿حكيم﴾ (٢٣).

ورواه ابن أبي حاتم، عن المنذر [٢] بن شاذان التمار، عن محمد بن سابق، به. ورواه الطبراني من حديث محمد بن سابق، به، غير أنه سماه الحارث بن سرار، والصواب: الحارث بن ضرار، كما تقدم (٢٤).

وقال ابن جرير: حدثنا أبو كريب، حدثنا جعفر بن عون، عن موسى بن عُبيدة، عن ثابت مولى أم سلمة، عن أم سلمة قالت: بعث رسول الله رجلًا في صدقات بني المصطلق بعد الوقيعة، فسمع بذلك القوم، فتلقوه يعظمون أمر رسول الله ، قالت: فحدثه الشيطان أنهم يريدون قتله، قالت [٣]: فرجع إلى رسول الله فقال: إن بني المصطلق قد منعوني صدقاتهم. فغَضب رسول الله والمسلمون، قالت: فبلغ القومَ رجوعُه، فأتوا رسول الله ، فصفوا له حين صلى الظهر، فقالوا: نعوذ بالله من سَخَط الله وسَخَط رسوله، بعثت إلينا رجلًا مُصَدِّقًا فسررنا بذلك، وقَرت به أعيننا. ثم إنه رجع من بعض الطريق، فخشينا أن يكون ذلك غضبًا من الله ومن رسوله، فلم يزالوا يكلمونه حتى جاء بلال فأذن بصلاة العصر، قالت: ونزلت: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ (٢٥).


(٢٣) - دينار الكوفي، قال عنه الحافظ في التقريب مقبول. والحديث أخرجه أحمد (٤/ ٢٧٩) برقم (١٨٥١٠)، والطبراني في الكبير (٣/ ٣١٠ - ٣١١) برقم (٣٣٩٥). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٧/ ١١٢): رواه أحمد والطبراني - إلا أنه قال: الحارث بن سرار بدل ضرار، ورجال أحمد ثقات.
(٢٤) - ينظر تخريج الحديث السابق.
(٢٥) - موسى بن عبيدة: ضعيف كما في التقريب. وثابت مولى أم سلمة، ذكره ابن أبي حاتم في =