يخبر تعالى أنَّه لم يزل ذبح المناسك وإراقة الدماء على اسم الله مشروعًا في جميع الملل.
قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبَّاس:[﴿وَلِكُلِّ [١] أُمَّةٍ] [٢] جَعَلْنَا مَنْسَكًا﴾. قال: عيدًا. وقال عكرمة: ذبحًا. وقال زيد بن أسلم في قوله: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا﴾: إنها مكة، لم يجعل الله لأمة قط منسكًا غيرها.
وقوله [٣]: ﴿لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾. كما ثبت في الصحيحين (١٢٣) عن أنس قال: أتى رسول الله، ﷺ، بكبشين أملحين أقرنين، فسمى وكبر، ووضع رجله على صفاحهما.
وقال الإمام أحمد بن حنبل (١٢٤): حدَّثنا يزيد بن هارون، أنبأنا سلام بن مسكين، عن عائذ الله المجاشعي، عن أبي داود -وهو نفيع [٤] بن الحارث- عن زيد بن أرقم قال: قلت -أو قالوا-: يا رسول الله؛ ما هذه الأضاحي؟ قال:"سنة أبيكم إبراهيم".
قالوا [٥]: ما لنا منها؟ قال:"بكل شعرة حسنة". قالوا: فالصوف؟ قال:"بكل شعرة من الصوف حسنة". وأخرجه الإمام أَبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة في سننه من حديث سلام بن مسكين به.
وقوله: ﴿فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا﴾، أي: معبودكم واحد، وإن تنوعت شرائع الأنبياء، ونسخ بعضها بعضًا، فالجميع يدعون إلى عبادة الله وحده لا شريك له: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إلا نُوحِي إِلَيهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إلا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾. ولهذا قال: ﴿فَلَهُ أَسْلِمُوا﴾. أي: أخلصوا واستسلموا لحكمه وطاعته.
﴿وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ﴾، قال مجاهد: المطمئنين. وقال الضحاك وقَتَادة: المتواضعين. وقال
(١٢٣) صحيح البخاري، كتاب الأضاحي، باب: من ذبح الأضاحي بيده حديث (٥٥٥٨)، وصحيح مسلم، كتاب الأضاحي (١٩٦٦). (١٢٤) المسند (٤/ ٣٦٨)، وإسناده ضعيف، أَبو داود؛ قال الذهبي: تركوه وكان يترفض. وعائذ الله المجاشعي. قال البخاري: لا يصح حديثه. وقال أَبو حاتم: منكر الحديث ولم يروى عنه غير سلام. قاله الذهبي. والحديث رواه ابن ماجة في كتاب الأضاحي، بماب: ثواب الأضحية (٢/ ١٠٤٥) حديث ٣١٢٧. ورواه الطبراني في المعجم الكبير (٥/ ١٩٧) رقم الحديث (٥٠٧٥). وعبد بن حميد (٢٥٩). وأخرجه الحاكم (٢/ ٣٨٩) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.