وقوله: ﴿حُنَفَاءَ لِلَّهِ﴾. أي: مخلصين له الدين، منحرفين عن الباطل قصدًا إلى الحق، ولهذا قال: ﴿غَيرَ مُشْرِكِينَ بِهِ﴾.
ثم ضرب للمشرك مثلًا في ضلاله وهلاكه وبعده عن الهدى، فقال: ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ﴾ أي: سقط منها ﴿فَتَخْطَفُهُ الطَّيرُ﴾ أي: تقطعه الطيور في الهواء، ﴿أَوْ تَهْوي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ﴾؛ أي: بعيد مهلك لمن هوى فيه، ولهذا جاء في حديث البراء (١٠٨): " إن الكافر إذا توفته ملائكة الموت، وصعدوا بروحه إلى السماء، فلا تفتح له أبواب السماء، بل تطرح روحه طرحًا من هناك". ثم قرأ هذه الآية، وقد تقدم الحديث في سورة إبراهيم بحروفه وألفاظه وطرقه. وقد ضرب تعالى للمشرك مثلًا آخر في سورة الأنعام، وهو قوله: ﴿قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى﴾. الآية.
يقول تعالى: هذا ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ﴾. أي: أوامره ﴿فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾. ومن ذلك تعظيم الهدايا والبدن، كما قال الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس: تعظيمها استسمانها واستحسانها.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا حفص بن غياث، عن ابن أبي ليلى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ﴾ قال: الاستسمان والاستحسان والاستعظام.
وقال أبو أمامة بن سهل [١]: كنا نسمن الأضحية بالبرية [٢]، وكان المسلمون يسمنون. رواه البخاري (١٠٩).
وعن أبي هريرة: أن رسول الله، ﷺ، قال [٣]: "دم عفراء أحب إلى
(١٠٨) تفسير الطبري (١٧/ ١١٢). (١٠٩) صحيح البخاري (١٠/ ٩) "فتح" معلقًا.