يقول تعالى: هذا الذي [١] أمرنا به من الطاعات في أداء المناسك، وما لفاعلها من الثواب الجزيل.
﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ﴾. أي: ومن يجتنب معاصيه ومحارمه، ويكون ارتكابها عظيمًا في نفسه ﴿فَهُوَ خَيرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾. أي: فله على ذلك خير كثير وثواب جزيل، فكما على فعل الطاعات ثواب كثير وأجر جزيل، كذلك على ترك المحرمات والمحظورات.
قال ابن جريج: قال مجاهد في قوله: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ﴾ قال: الحرمة: مكة والحج والعمرة، وما نهى الله عنه من معاصيه كلها. وكذا قال ابن زيد.
وقوله: ﴿وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إلا مَا يُتْلَى عَلَيكُمْ﴾. أي: أحللنا لكم جميع الأنعام، وما جعل الله من بحيرة ولا صائبة ولا وصيلة ولا حام.
وقوله: ﴿إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيكُمْ﴾ أي: من تحريم ﴿الْمَيتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ … ﴾ الآية. قال ذلك ابن جرير، وحكاه عن قتادة.
وقوله: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾ "من" هاهنا لبيان الجنس، أي: اجتنبوا الرجس الذي هو الأوثان، وقرن الشرك بالله بقول الزور، كقوله: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾. ومنه شهادة الزور، وفي الصحيحين (١٠٥) عن أبي بكرة قال: قال رسول الله،ﷺ:"ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ". قلنا: بلى، يا رسول الله: قال: "الإشراك بالله، وعقوق الوالدين". وكان متكئًا فجلس فقال:"ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور". فما [٢] زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت.
(١٠٥) صحيح البخاري، كتاب الشهادات حديث (٢٦٥٤)، وصحيح مسلم، كتاب الإيمان حديث (٨٧).