للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طبع كافرًا". رواه ابن جرير (٩٤): من [١] حديث أبي إسحاق، عن سعيد، عن ابن عباس به، ولهذا قال: ﴿فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَينِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا﴾، أي: يحملهما حبه على متابعته على الكفر.

قال قتادة: قد فرح به أبواه حين ولد، وحزنا عليه حين قتل، ولو بقي كان فيه هلاكهما، [فليرض امرؤٌ] [٢] بقضاء الله، فإن قضاء الله للمؤمن فيما يكره خير له من قضائه فيما يحب.

وصحَّ في الحديث (٩٥): " لا يقضي الله للمؤمن من قضاء إلَّا كان خيرًا له. وقال تعالى: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيئًا وَهُوَ خَيرٌ لَكُمْ﴾

[وقوله تعالى]: ﴿فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا﴾، أي: ولدًا أزكى من هذا، وهما أرحم به منه. قاله ابن جريج.

وقال قتادة: أبو بوالديه. وقد تقدم أنهما بدلا جارية. وقيل: لما قتله الخضر كانت أمه حاملًا بغلام مسلم. قاله ابن جريج.

﴿وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَينِ يَتِيمَينِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْويلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيهِ صَبْرًا (٨٢)

في هذه الآية دليل على إطلاق القرية على المدينة؛ لأنه قال أولًا ﴿حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ﴾ وقال هاهنا: ﴿فَكَانَ لِغُلَامَينِ يَتِيمَينِ فِي الْمَدِينَةِ﴾ كما قال تعالى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ﴾، ﴿وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَينِ عَظِيمٍ﴾ يعني: مكة والطائف.


(٩٤) أخرجه ابن جرير في تفسيره (١٦/ ٣) حدثنا عمرو بن علي، قال: ثنا أبو قتيبة، قال: ثنا عبد الجبار بن عباس الهمداني عن أبي إسحاق به. وأخرجه مسلم في صحيحه -كتاب القدر، باب: معنى كل مولود يولد على الفطرة (٢٦٦١). وأبو داود -كتاب السنة، باب: في القدر - (٤٧٠٥، ٤٧٠٦) والترمذي -كتاب تفسير القرآن، باب: "ومن سورة الكهف" - (٣١٥٠). من طرق عن أبي إسحاق به.
(٩٥) تقدم تخريجه [سورة الأعراف / آية ٩٥] و [سورة يونس / آية ١٢] و [سورة إبراهيم / آية ٥].