﴿قَال أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾ فأكد أيضًا في التذكار بالشرط الأول [١]، فلهذا قال له موسى: ﴿إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيءٍ بَعْدَهَا﴾، أي: إن اعترضت عليك بشيء بعد هذه المرة ﴿فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا﴾، أي: قد أعذرت إليَّ مرة بعد مرة.
قال ابن جرير (٩٠): حدثنا عبد الله بن أبي زياد، حدثنا حجاج بن محمَّد، عن حمزة الزيات، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن أبيِّ بن كعب، قال: كان النبي ﷺ إذا ذكر أحدًا فدعا له بدأ بنفسه، [فقال ذات يوم][٢]: "رحمة الله علينا وعلى موسى، لو لبث مع صاحبه لأبصر العجب، ولكنه قال: ﴿إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا﴾ ". مثقلة [٣].
يقول تعالى مخبرًا عنهما: إنهما انطلقا بعد المرتين الأوليين ﴿حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ﴾ و [٤] روى ابن جرير عن ابن سيرين: أنها الأيَّلة [٥]. وفي الحديث (٩١): " حتى إذا أتيا أهل قرية لئامًا [٦] أي: بخلاء" ﴿فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ﴾ إسناد الإِرادة هاهنا إلى الجدار على سبيل الاستعارة، فإن الإِرادة في المحدثات بمعنى الميل، والانقضاض هو السقوط.
وقوله: ﴿فَأَقَامَهُ﴾، أي: فردّه [٧] إلى حالة الاستقامة، وقد تقدم في الحديث أنه ردّه
(٩٠) أخرجه ابن جرير في تفسيره - (١٥/ ٢٨٨). وأخرجه مسلم -كتاب الفضائل، باب: من فضائل الخضر، ﵇ (١٧٢) - (٢٣٨٠) (١٥/ ٢٠٥: ٢٠٨). من طريق المعتمر بن سليمان التيمي عن أبيه، عن رَقَبَة عن أبي إسحاق به مطولًا. (٩١) أخرجه مسلم في صحيحه -كتاب الفضائل، كتاب من فضائل الخضر ﵇ (١٧٢) - (٢٣٨٠).