موسى يتبع أثر الحوت في البحر، فقال فتى موسى لموسى: ﴿أَرَأَيتَ إِذْ أَوَينَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ﴾ قال موسى: ﴿ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا﴾ فوجدا عبدنا خضرًا، فكان من شأنهما ما قص الله في كتابه.
يخبر تعالى عن قيل موسى ﵇ - لذلك الرجل [١] العالم وهو الخضر، الذي خصه الله بعلم لم يطلع عليه موسى، كما أنه أعطى موسى من العلم ما لم يعطه الخضر ﴿قَال لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ﴾ سؤال بتلطف لا على وجه الإِلزام والأجبار، وهكذا ينبغي أن يكون سؤال المتعلم من العالم.
وقىل: ﴿أَتَّبِعُكَ﴾، أي: أصحبك وأُرافقك ﴿عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾، أي: مما علمك الله [٢] شيئًا أسترشد به في أمري؛ من علم نافع وعمل صالح، فعندها ﴿قَال﴾ الخضر لموسى: ﴿إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾، أي: أنت لا تقدر أن [٣] تصاحبني؛ لما ترى من الأفعال التي تخالف شريعتك؛ لأني على علم من علم الله ما علمكه الله، وأنت على علم من علم الله ما علمنيه الله، فكل منا مكلف بأمور من الله دون صاحبه، وأنت لا تقدر على صحبتي ﴿وَكَيفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا﴾ فأنا أعرف أنك ستنكر عليَّ ما أنت معذور فيه، ولكن ما اطلعت على حكمته ومصلحته الباطنة التي اطلعت أنا عليها دونك ﴿قَال﴾ له موسى: ﴿سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا﴾، أي: على ما أرى من أمورك ﴿وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا﴾، أي: ولا أخالفك في شيء، فعند ذلك شارطه الخضر ﵇ ﴿قَال فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيءٍ﴾، أي: ابتداء ﴿حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا﴾، أي: حتى أبدأك أنا به قبل أن تسألني.
قال ابن جرير (٨٨): حدثنا ابن حميد، حدثنا يعقوب عن هارون بن عنترة، عن أبيه، عن
= يعقوب ابن إبراهيم قال: حدثني أبي عن صالح عن ابن شهاب -الزهريّ- به. (٨٨) أخرجه ابن جرير في تفسيره (١٥/ ٢٧٧). وهارون بن عنترة هو ابن عبد الرحمن الشيباني. وثقه =