للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله يقول: وما يدريك أين أضع علمي؟ بلى، إن على شط البحر رجلًا هو أعلم منك [١]. قال ابن عباس: هو الخضر. فسأل موسى ربه أن يريه إياه، فأوحى إليه أن ائت البحر، فإنك تجد على شط البحر حوتًا فخذه، فادفعه إلى فتاك، ثم الزم شط البحر فإذا نسيت الحوت وهلك منك، فَثَمَّ تجد العبد الصالح الذي تطلب. فلما طال سفر موسى نبي الله، ونصب فيه سأل فتاه -عن الحوت، فقال له فتاه وهو غلامه-: ﴿أَرَأَيتَ إِذْ أَوَينَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إلا الشَّيطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ﴾ لك، قال الفتى: لقد رأيت الحوت حين اتخذ سبيله في البحر سربًا فأعجب ذلك موسى [٢]، فرجع حتى أتى الصخرة فوجد الحوت، فجعل الحوت يضرب في البحر، ويتبعه موسى، وجعل موسى يقدم عصاه يفرج بها عنه الماء يتبع الحوت، وجعل الحوت لا يمس شيئًا من البحر إلا يبس حتى يكون صخرة [٣]، فجعل نبي الله يعجب من ذلك، حتى انتهى به الحوت إلى جزيرة من جزائر البحر، فلقي الخضر بها فسلم عليه، فقال الخضر: وعليكِ السلام، وأنى يكون السلام بهذه الأرض؟ ومن أنت؟ قال: أنا موسى. فقال الخضر: أَصَاحِب بني إسرائيل؟ [قال: نعم] [٤] فرحب به، وقال: ما جاء بك؟ قال: جئتك ﴿عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (٦٦) قَال إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾ قوله: لا تطلق ذلك. قال موسى [٥]: ﴿سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا﴾ قال: فانطلق به وقال له: لا تسألني عن شيء أصنعه حتى أبين لك شأنه. فذلك قوله: ﴿حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا﴾.

وقال الزهريّ (٨٧): عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن ابن عباس: أنه تَمارى هو والحُرّ بن قيس بن حصن [٦] الفزاري في صاحب موسى، فقال ابن عباس: هو خضر، فمر بهما أبيّ بن كعب، فدعاه ابن عباس، فقال: إني تماريت أنا وصاحبي هذا في صاحب موسى الذي سأل السبيل إلى لقيه، فهل سمعت رسول الله يذكر شأنه؟ قال: إني سمعت رسول الله يقول: بينا موسى - في ملإ من بني إسرائيل، إذ جاءه رجل فقال: تعلم مكان رجل أعلم منك؟ قال: لا. فأوحى الله إلى موسى: بلى، عبدنا خضر. فسأل موسى السبيل إلى لقيه، فجعل الله له الحوت آية، وقيل له: إذا فقدت الحوت فأرجع فإنك ستلقاه. فكان [٧]


(٨٧) أخرجه البخاري في صحيحه -كتاب العلم، كتاب: ما ذكر في ذهاب موسى في البحر إلى الخضر. (٧٤) - (١/ ١٦٨) حدثني محمَّد بن غُرَير الزهريّ قال: حدثنا =