للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن أخره إلى الآخرة كان أمره إلى الله؛ إن شاء أخذه، وإن شاء عفا عنه".

﴿ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (١٥٤)

قال ابن جرير [١]: ﴿ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ﴾ تقديره: ثم قل يا محمد مخبرًا عنا: بأنا آتينا موسى الكتاب، بدلالة قوله: ﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ﴾.

قلت: وفي هذا نظر، و "ثم" هاهنا إما هي لعطف الخبر بعد الخبر، لا للترتيب هاهنا، كما قال الشاعر:

قل لمن ساد ثم ساد أبوه … ثم قد [٢] ساد قبل ذلك جده

وهاهنا لما أخبر الله سبحانه عن القرآن بقوله: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ﴾ عطف بمدح [٣] التوراة [ورسولها، فقال: ﴿ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ﴾ وكثيرًا ما يقرن سبحانه بين ذكر القرآن والتوراة] [٤]، كقوله تعالى: ﴿وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا﴾، وقوله أول هذه السورة: ﴿قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا﴾ الآية، وبعدها: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ﴾ الآية، وقال تعالى مخبرًا عن المشركين: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى﴾، قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ [٥] تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ﴾، قال تعالى مخبرًا عن الجن أنهم قالوا: ﴿يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ﴾.

وقوله تعالى: ﴿تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا﴾ أي: آتيناه الكتاب الذي أنزلناه إليه تمامًا كاملًا، جامعًا لما [٦] يحتاج إليه فى شريعته، كقوله ﴿وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ [مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا] [٧]﴾.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .