للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: ﴿ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ أي: هذا ما وصاكم به لعلكم تعقلون [عن الله] [١] أمره ونهيه.

﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (١٥٢)

قال عطاء بن السائب: عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: لما أنزل الله ﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ و ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا﴾ الآية، فانطق من كان عنده يتيم فعزل طعامه من طعامه، وشرابه من شرابه، فجعل يفضل الشيء فيحبس له حتى يأكله أو [٢] يفسد، فاشتد ذلك عليهم، فذكروا ذلك لرسول الله ، فأنزل الله: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ﴾ قال: فخلطوا طعامهم بطعامهم، وشرابهم بشرابهم. رواه أبو داود (٣٣٩).

وقوله تعالى: ﴿حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ﴾ قال الشعبي، ومالك، وغير واحد من السلف: يعني حتى يحتلم.

وقال السدي: حتى يبلغ ثلاثين سنة. وقيل: أربعون سنة. وقيل: ستون سنة. قال: وهذا كله بعيد هاهنا، والله أعلم.

وقوله تعالى: ﴿وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ﴾ يأمر تعالى بإقامة العدل فى الأخذ والإِعطاء كما توعد على تركه فى قوله تعالى: ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (١) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (٢) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (٣) أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (٤) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (٥) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، وقد أهلك الله أمة من الأم كانوا يبخسون المكيال والميزان.


= وقد صحح الضياء - كما في "صفة الجنة" للمصنف (ص ١٤٢) - حديث أبي هريرة من هذا الوجه فقال: "هو عندي على شرط الصحيح": وافقه الألباني في "الصحيحة".
(٣٣٩) - " السنن" كتاب: الوصايا، باب: مخالطة اليتيم في الطعام (٢٨٧١). وتقدم تخريجه [سورة البقرة/آية ٢٢٠].