للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ (٦٣)﴾.

يقول [جل وعلا] [١]: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ﴾ في قدرة الله تعالى حيث خلقه من غير أب ﴿كَمَثَلِ آدَمَ﴾ [فإن الله تعالى] [٢] خلقه من غير أب ولا أم، بل ﴿خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَال لَهُ: كُنْ فَيَكُونُ (٥٩) [الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ] [٣]﴾ فالذي [٤] خلق آدم [من غير أب] [٥] قادر على [أن يخلق] [٦] عيسى بالطريق الأولى والأحرى، وإن جاز ادّعاء البنوة [٧] في عيسى لكونه [٨] مخلوقًا من غير أب، فجواز ذلك في [٩] آدم بالطريق الأولى، ومعلوم بالاتفاق أن ذلك باطل، فدعواها [١٠] في عيسى أشدّ بطلانًا وأظهر فسادًا، ولكن الرب [] [١١] أراد أن يظهر قدرته لخلقه حين خلق آدم، لا من ذكر ولا من أنثى، وخلق حوّاء [١٢] من ذكر بلا أنثى، وخلق عيسى من أنثى بلا ذكر، كما خلق بقية البرية من ذكر وأنثى، ولهذا قال تعالى في سورة مريم: ﴿وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ﴾ وقال هاهنا: (﴿الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ [١٣] مِنَ الْمُمْتَرِينَ﴾ أي: هذا [هو القول] [١٤] الحق في عيسى الذي لا محيد عنه ولا صحيح سواه، وماذا بعد الحق إلا الضلال.

ثم قال تعالى آمرًا رسوله أن يباهل من عاند الحق في أمر عيسى بعد ظهور البيان ﴿فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا [١٥] جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ﴾ أي: نحضرهم في حال المباهلة ﴿ثُمَّ نَبْتَهِلْ﴾ أي: نلتعن ﴿فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾ أي: منا أو [١٦] منكم.

وكان سبب نزول [١٧] المباهلة وما قبلها من أول السورة إلى هنا في وفد نجران: [أن النصارى لما] [١٨] قدموا، فجعلوا يحاجون في عيسى، ويزعمون فيه ما يزعمون من البنوة والإلهية، فأنزل الله صدر هذه السورة [١٩] ردًّا عليهم، كما ذكره الإِمام محمد بن إسحاق بن يسار


[١]- في ز، خ: "تعالى".
[٢]- في ت: حيث.
[٣]- ما بين المعكوفتين سقط من: ت.
[٤]- في ز، خ: "والذي".
[٥]- ما بين المعكوفتين سقط من: ز، خ.
[٦]- ما بين المعكوفتين في ز، خ: "خلق".
[٧]- في ز: "النبوة".
[٨]- في ز: "بكونه".
[٩]- في خ: "من".
[١٠]- في خ: "فدعواه".
[١١]- في ز، خ: "﷿".
[١٢]- في ز: "حوى".
[١٣]- في خ: "تكونن".
[١٤]- في ز: "القول هو".
[١٥]- سقط من: ز.
[١٦]- في ت: "و".
[١٧]- في ز، خ: "هذه".
[١٨]- في ز، خ: "النصارى حين".
[١٩]- في ز: "الصورة".