للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أظهرهم، وتركهم في ضلالهم يعمهون؛ يعتقدون أنهم قد ظفروا بطلبتهم [١]، وأسكن الله في قلوبهم قسوة وعنادًا للحق ملازمًا لهم، وأورثهم ذلة لا تفارقهم إلى يوم التناد؛ ولهذا قال تعالى: ﴿وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيرُ الْمَاكِرِينَ﴾.

﴿إِذْ قَال اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَينَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٥٥) فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (٥٦) وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (٥٧) ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (٥٨)

اختلف المفسرون في قوله تعالى: ﴿إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ﴾ فقال قتادة وغيره: هذا من المقدم والمؤخر، تقديره: إني رافعك إلي [٢] ﴿مُتَوَفِّيكَ﴾، يعني بعد ذلك.

وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: إني متوفيك أي: مميتك.

وقال محمد بن إسحاق عمن لا يتهم [٣]، عن وهب بن منبه؛ قال: توفاه الله ثلاث ساعات من أول [٤] النهار حين رفعه الله إليه.

قال [٥] ابن إسحاق: والنصارى يزعمون أن الله توفاه سبع ساعات ثم أحياه.

وقال إسحاق بن بشر، عن إدريس، عن وهب: أماته الله ثلاثة أيام ثم بعثه ثم رفعه.

وقال مطر الوراق: إني [٦] متوفيك من الدنيا، وليس بوفاة موت. وكذا قال ابن جريج: توفيه هو رفعه.

وقال الأكثرون: المراد بالوفاة هاهنا النوم. كما قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ﴾. وقال تعالى: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ


[١]- في ز: "بطلبهم".
[٢]- سقط من: خ.
[٣]- في خ: "يتوهم".
[٤]- سقط من: ز.
[٥]- ما بين المعكوفتين سقط من ت.
[٦]- زيادة من: ز، خ.