للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾. وكان رسول الله يقول إذا قام من النوم: "الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا [وإليه النشور] [١] ". الحديث (١٢٥). وقال الله تعالى: ﴿وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (١٥٦) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ [وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ﴾] إلى قوله تعالى: ﴿وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (١٥٧) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (١٥٨) وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيهِمْ شَهِيدًا﴾ والضمير في قوله "قبل موته" عائد على عيسى أي: وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن [٢] بعيسى [قبل موت عيسى] [٣] وذلك حين ينزل إلى الأرض قبل يوم القيامة، على ما سيأتي بيانه، فحينئذ يؤمن به أهل الكتاب كلهم؛ لأنه يضع الجزية، ولا يقبل إلا الإِسلام.

وقال [٤] ابن أبي حاتم (١٢٦): حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن، [حدثنا عبد الله] [٥] بن أبي جعفر، عن أبيه، حدثنا الربيع بن أنس، عن الحسن، أنه قال في قوله تعالى ﴿إِنِّي مُتَوَفِّيكَ﴾: يعني وفاة المنام [٦] رفعه الله في منامه. قال الحسن: قال رسول الله لليهود: "إن عيسى لم يمت وإنه راجع إليكم قبل يوم القيامة".

وقوله تعالى: ﴿وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أي: برفعي إياك إلى السماء ﴿وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ وهكذا وقع فإن المسيح لما رفعه الله إلى السماء تفرقت أصحابه شيعًا بعده.

فمنهم من آمن بما بعثه الله به على أنه عبد الله ورسوله وابن أمته، ومنهم من غلا فيه فجعله ابن الله، وآخرون قالوا: هو الله. وآخرون قالوا: هو ثالث ثلاثة. وقد حكى الله مقالتهم [٧] في القرآن ورد على كل فريق، [فاستمروا على ذلك] [٨] قريبًا من ثلاثمائة سنة، ثم نَبَعَ لهم ملك


(١٢٥) - رواه البخاري في كتاب الدعوات، باب: ما يقول إذا نام، حديث (٦٣٢١) من حديث حذيفة بن اليمان .
(١٢٦) - رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٢/ ٢٩٦) رقم (٦٤٢)، وأخرجه الطبري في "تفسيره" (٦/ ٤٥٥) رقم (٧١٣٣) من طريق عبد الله بن أبي جعفر به.