يقول تعالى: ﴿فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى﴾ أي: استشعر منهم التصميم على الكفر والاستمرار على الضلال، قال: من أنصاري إلى الله؟ قال مجاهد: أي: من يتبعني إلى الله. وقال سفيان الثوري وغيره؟ أي [١]: من أنصاري مع الله. وقول مجاهد أقرب.
والظاهر أنه أراد: من أنصاري في الدعوة إلى الله؟ كما كان النبي ﷺ يقول في مواسم الحج قبل أن يهاجر:"من رجل يؤويني [على أن][٢] أبلغ كلام ربي؟ فإن قريشًا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي"(١٢٢). حتى وجد الأنصار فآووه ونصروه، وهاجر إليهم فواسوه [٣] ومنعوه من الأسود والأحمر، [﵃ وأرضاهم]. وهكذا عيسى بن مريم، [﵇]، انتدب له طائفة من بني إسرائيل، فآمنوا به، وآزروه ونصروه، واتبعوا النور الذي أنزل معه، ولهذا قال تعالى مخبرًا عنهم: ﴿قَال الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا [٤] مُسْلِمُونَ (٥٢) رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾.
(١٢٢) - أخرجه أحمد في "المسند" (٣/ ٣٢٢، ٣٣٩)، والبزار (١٧٥٦)، وصححه ابن حبان (١٤/ ٦٢٧٤)، (١٢/ ٧٠١٥)، والحاكم في "المستدرك" (٢/ ٦٢٤)، ووافقه الذهبي، ورواه البيهقي في "الدلائل" (٢/ ٤٤٣)، وفي "السنن" (٨/ ١٤٦)، (٩/ ٩)، وقال ابن كثير في "البداية" (٣/ ١٩٥): "إسناد جيد على شرط مسلم"، وقال الحافظ في "الفتح" (٧/ ١٧٧): "رواه أحمد بإسناد حسن، وصححه الحاكم، وابن حبان". من طريق أبي الزبير عن جابر، به مطولًا. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (٤/ ٤١١) رقم (٧٧٢٧)، وأبو داود في "سننه" كتاب: السنة، باب: في القرآن، حديث (٤٧٣٤). والترمذي في "سننه" كتاب: فضائل القرآن، باب (٢٤) حديث (٢٩٢٥)، وابن ماجه في المقدمة، باب: فيما أنكرت الجهمية حديث (٢٠١)، كلهم من طريق سالم بن أبي الجعد، عن جابر قال: كان رسول الله ﷺ يعرض نفسه على الناس في الموسم فيقول: "ألا رجل يحملني إلى قومه، فإن قريشًا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي".