للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصَّالِحِينَ﴾ أي: في قوله وعمله. له علم صحيح، وعمل صالح.

قال محمد بن إسحاق (١٢٠): عن يزيد [١] بن عبد الله بن قسيط، عن محمد بن شرحبيل، عن أبي هروة، قال: قال رسول الله : "ما تكلم مولود في صغره [٢] إلا عيسى وصاحب جريج [٣] ".

وقال ابن أبي حاتم (١٢١): حدثنا أبو الصقر [٤] يحيى بن محمد بن قزعة، حدثنا الحسين -يعني المروزي- حدثنا جرير، يعني ابن حازم، عن محمد، عن أبي هريرة عن النبي قال: "لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة؛ عيسى، وصبي كان في زمن جريج وصبي آخر".

فلما سمعت بشارة الملائكة لها بذلك عن الله، ﷿، قالت في مناجاتها: ﴿رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ﴾، تقول: كيف يوجد هذا الولد مني، وأنا لست بذات زوج، ولا من عزمي أن أتزوج، ولست بغيًّا حاشا [٥] لله [٦]. فقال لها الملك عن الله ﷿ في جواب هذا السؤال: ﴿كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ﴾ أي: هكذا أمر الله عظيم، لا يعجزه شيء، وصرح هاهنا [٧] بقوله: ﴿يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ﴾ ولم يقل: يفعل كما في قصة زكريا. بل نص هاهنا على أنه يخلق؛ لئلا يبقى لمبطل شبهة، وأكد ذلك بقوله: ﴿إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ أي: فلا يتأخر شيئًا، بل يوجد عقيب الأمر بلا مهلة [٨]، كقوله تعالى: ﴿وَمَا أَمْرُنَا إلا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ﴾ أي: إنما نأمر مرة واحدة [٩] لا مَثْنَوَية فيها، فيكون ذلك الشيء سريعًا، كلمح بالبصر.

﴿وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (٤٨) وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ


(١٢٠) - فيه محمد بن إسحاق لم يصرح بالسماع. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٢/ ٢٧٢ - ٢٧٣) رقم (٥٦٤) من طريق محمد بن إسحاق، به.
(١٢١) - رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٢/ ٢٧٢) رقم (٥٦٣). وأخرجه البخاري في "صحيحه" كتاب الأنبياء، باب قوله تعالى ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا … ﴾ حديث (٣٤٣٦)، ومسلم في "صحيحه" كتاب: البر والصلة، حدث ٨ - (٢٥٥٠)، وأحمد في "مسنده" (٧/ ٣٠٧ - ٣٠٨ و ٣٠٨).