للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقال: إنه ذهب صعدًا [١] يشق جرية الماء، وكان مع ذلك كبيرهم، وسيدهم وعالمهم وإمامهم ونبيهم، صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر النبيين.

﴿إِذْ قَالتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٤٥) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (٤٦) قَالتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَال كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٤٧)

هذه بشارة من الملائكة لمريم ، بأن سيوجد منها ولد عظيم، له شأن كبير؛ قال الله تعالى: ﴿إِذْ قَالتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ﴾ أي: بولد يكون وجوده بكلمة من الله، أي: بقوله [٢] له: كن؛ فيكون.

وهذا تفسير قوله: ﴿مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ﴾ كما ذكره الجمهور على ما سبق بيانه ﴿اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ﴾ أي: يكون مشهورًا بهذا في الدنيا، يعرفه المؤمنون بذلك.

وسمي المسيح قال بعض السلف: لكثرة سياحته. وقيل: لأنه [٣] كان مسيح القدمين لا أخمص لهم. وقيل: لأنه كان إذا مسح أحدًا من ذوي العاهات برئ بإذن الله تعالى.

وقوله تعالى: ﴿عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ﴾ نسبة له [٤] إلى أمه، حيث لا أب له ﴿وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ﴾ أي: له وجاهة ومكانة عند الله في الدنيا بما يوحيه الله إليه من الشريعة، وينزله عليه من الكتاب، وغير ذلك مما منحه الله [٥] به.

وفي الدار الآخرة يشفع عند الله فيمن يأذن له فيه، فيقبل منه أسوة بإخوانه [٦] من أولي العزم صلوات الله [وسلامه عليه وعليهم أجمعين] [٧].

وقوله: ﴿وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا﴾ أي: يدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له في حال صغره، معجزة وآية، [وفي حال] [٨] كهولته [٩] حين يوحي الله إليه بذلك ﴿وَمِنَ


[١]- في خ: "صاعدا".
[٢]- في خ: "يقول".
[٣]- في ز: "إنه".
[٤]- سقط من: ت.
[٥]- سقط من: ز.
[٦]- في ز، خ: "إخوته".
[٧]- في ز، خ: "عليهم".
[٨]- في ز، خ: "وحال".
[٩]- في ز: "كهوليته".