وذكر ابن أبي الدنيا: ثنا الحسن بن عبد العزيز، ثنا ضمرة، عن ابن [١] شَوْذَب؛ قال: كانت مريم ﵍ تغتسل في كل ليلة.
ثم قال تعالى لرسوله بعد ما أطلعه على جلية الأمر: ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ﴾ أي: نقصه عديك ﴿وَمَا كُنْتَ لَدَيهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ﴾ أي: ما كنت عندهم يا محمد [فتخبر عنهم][٢] معاينة عما جرى، بل أطلعك الله على ذلك [كأنك حاضر وشاهد][٣] لما كان من أمرهم، حين اقترعوا في شأن مريم أيهم يكفلها، وذلك لرغبتهم في الأجر.
قال ابن جرير (١١٩): حدثنا القاسم، حدثنا الحسين، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن القاسم بن أبي بزة [٤]، أنه أخبره عن عكرمة-[وأبي بكر، عن عكرمة][٥]، - قال: ثم خرجت بها -يعني أم مريم بمريم [٦]-[في خرقها][٧] إلى بني الكاهن بن هارون أخي موسى ﵉ قال: وهم يومئذ يلون في بيت المقدس ما تلي الحجبة من الكعبة، فقالت لهم: دونكم هذه النذيرة، فإني حررتها وهي ابنتي، ولا تدخل الكنيسة حائض، وأنا لا أردها إلى بيتي، فقالوا: هذه ابنة إمامنا وكان عمران يؤمهم في الصلاة، وصاحب قرباننا. فقال زكريا: ادفعوها إلي [٨] فإن خالتها تحتي. فقالوا: لا تطيب أنفسنا، هي [٩] ابنة إمامنا. فذلك حين اقترعوا [عليها بأقلامهم][١٠][][١١] التي يكتبون بها التوراة، فقرعهم زكريا، فكفلها.
وقد ذكر عكرمة أيضًا والسدي وقتادة والربيع بن أنس وغير واحد -دخل حديث بعضهم في بعض-: أنهم ذهبوا [١٢] إلى نهر الأردن واقترعوا هنالك على أن يلقوا أقلامهم فيه [١٣]، فأيهم يثبت [١٤] في جِرية (*) الماء [١٥] هو كافلها، فألقوا أقلامهم فاحتملها الماء إلا قلم زكريا فإنه ثبت.
(١١٩) - لم أجده في تفسير الطبري المطبوع. ولم يذكره السيوطي في "الدر المنثور". (*) - جرية الماء: حالة جريانه.