للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقضاه، مما فيه محنة لها ورفعة في الدارين، بما أظهر الله تعالى فيها من قدرته العظيمة؛ حيث خلق منها ولدًا من غير أب، فقال تعالى: ﴿يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ أمّا القنوت: فهو الطاعة في خشوع، كما قال تعالى: ﴿بل له ما [١] في السموات والأرض كل له قانتون﴾.

وقد قال ابن أبي حاتم (١١٧): حدثنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، أن دراجًا أبا السمح حدثه، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، عن رسول الله قال: "كل حرف في القرآن يذكر فيه القنوت فهو الطاعة".

ورواه ابن جرير من [حديث] [٢] ابن لهيعة، عن دراج به، وفيه نكارة.

وقال مجاهد: كانت مريم، ، تقوم حتى تتورم كعباها. والقنوت هو طول الركود في الصلاة، يعني امتثالًا [لقول الله] [٣] تعالى: ﴿يا مريم اقنتي لربك] [] [٤] قال الحسن: يعني اعبدي لربك. ﴿وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ أي: كوني منهم.

وقال الأوزاعي: ركدت في محرابها راكعة وساجدة وقائمة حتى نزل ماء الأصفر في قدميها [وأرضاها] [٥].

وقد ذكر الحافظ ابن عساكر (١١٨) في ترجمتها من طريق محمد بن يونس الكديمي [٦]، وفيه مقال: ثنا علي بن بحر بن بري، ثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير في قوله: ﴿يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي﴾ قال: سجدت حتى نزل الماء الأصفر في عينيها [٧].


(١١٧) - رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٢/ ٢٦١) رقم (٥٣١)، وأبو نعيم في "الحلية" (٨/ ٣٢٥) من طريق ابن وهب، به. ثم قال: تفرد به عبد الله بن عمرو. في إسناده دراج أبو السمح في حديثه عن أبي الهيثم ضعف. وأخرجه الطبري في "تفسيره" (٦/ ٤٠٣) رقم (٧٠٥٠)، وأبو يعلى في "مسنده" (٢/ ٥٢٢) رقم (١٣٧٩)، وابن حبان في صحيحه (٢/ ٧) رقم (٣٠٩)، وأحمد في "مسنده" (٣/ ٧٥)، والطبراني في الأوسط (٥/ ٢٣٤) رقم (٥١٨١) من طريق ابن لهيعة به، وذكره الهيثمي في "المجمع" (٦/ ٣٢٣) وقال: رواه أحمد، وأبو يعلى، والطبراني في الأوسط، وفي إسناد أحمد وأبي يعلى بن لهيعة وهو ضعيف. ا هـ. وقال ابن كثير عند تفسيره لسورة البقرة آية (١١٦): في هذا الإسناد ضعيف لا يعتمد عليه، ورفع هذا الحديث منكر، وقد يكون من كلام الصحابي أو من دونه، وكثير ما يأتي بهذا الإسناد تفاسير فيها نكارة، فلا يغتر بها فإن السند ضعيف، والله أعلم.
(١١٨) - تاريخ دمشق (١٩/ ٥٣٥).